قولهم : إنه يفضى إلى تعديد الآلهة. فجوابه أيضا ما سبق.
قولهم : يفضى إلى الكذب في الخبر منه وأن يكون أمرا ، ونهيا ، وخبرا ، ولا مأمور ، ولا منهى ، ولا مخبر.
فنقول : إن قلنا بمذهب عبد الله بن سعيد من أصحابنا : من أن الكلام قضية واحدة ، ولا يتصف بكونه أمرا ، ونهيا ، وخبرا ، إلى غير ذلك من الأقسام في الأزل ؛ بل فيما لا يزال ؛ فقد اندفع الإشكال. وإن سلكنا مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى ـ رحمهالله ـ من أنه متصف في الأزل بكونه أمرا ، ونهيا ، وغيره من أقسام الكلام ؛ فغير بعيد أن يكون في نفسه صفة واحدة ، وإن اختلفت العبارات عنه بسبب اختلاف النسب ، والإضافات إلى المتعلقات ، وذلك أن يقال :
الأمر : هو الإخبار باستحقاق الثّواب على الفعل. واستحقاق العذاب على الترك ، وفي النهى بعكسه.
والوعد والوعيد : الخبر بإيصال نفع ، أو ضرر في طرف الاستقبال من المخبر.
والاستخبار : الإخبار بإرادة الاستعلام.
والنداء : الإخبار بإرادة الحضور ، وعلى هذا النحو.
وعند / هذا ؛ فغير بعيد أن يقوم بذات الله ـ تعالى ـ خبر عن إرسال نوح مثلا ، وتكون التعبرة عنه قبل الإرسال : إنّا نرسله. وبعد الإرسال : إنا أرسلنا نوحا ؛ فالمعبر عنه يكون واحدا.
وإن اختلفت التعبيرات عنه بسبب اختلاف الأحوال ؛ التى هى متعلق الخبر القديم ، وذلك لا يفضى إلى الكذب في المعنى القائم بالنّفس المعبر عنه ، ولا بالنسبة إلى المعبر به أيضا.
وكذلك أيضا يجوز أن يقوم بذات الله ـ تعالى ـ طلب خلع النعل من موسى على جبل الطور ، واقتضاه منه على تقدير وجوده. وتكون التعبرة عنه قبل الوجود : بصيغة إنّا سنأمر ، وعند الوجود بصيغة اخلع الدّالة على الطّلب ، والاقتضاء القديم الأزلى.