وعلى هذا نقول : إنه لو قطع النظر عن التعلقات ، والمتعلقات الخارجة ؛ فلا سبيل إلى توهم اختلاف في الكلام النفسانى أصلا ، ولا يلزم منه دفع الكلام في نفسه ، وزوال حقيقته.
وعلى هذا : / فلا يخفى اندفاع ما استبعدوه من اتحاد الخبر ، واختلاف المخبر ، واتحاد الأمر ، واختلاف المأمور. وكذلك اختلاف الأمر ، والخبر مع اتحاد صفة الكلام.
فإن قيل : إذا قلتم بأن الكلام قضية واحدة ، وأن اختلاف العبارات عنها بسبب المتعلقات الخارجة ، فلم لا جوزتم أن تكون الإرادة (١) ، والعلم والقدرة (١) ، وباقى الصفات راجعة إلى معنى واحد. ويكون اختلاف التعبيرات عنه بسبب المتعلقات ، لا بسبب اختلافه في ذاته ، وذلك بأن يسمى إرادة : عند تعلقه بالتخصيص ، وقدرة : عند تعلقه بالإيجاد ، وهكذا سائر الصفات.
وإن جاز ذلك ؛ فلم لا يجوز أن يعود ذلك كله إلى نفس الذات من غير احتياج إلى الصفات.
أجاب الأصحاب عن ذلك :
بأنه يمتنع أن يكون الاختلاف بين القدرة ، والإرادة بسبب التعلقات ، والمتعلقات ، إذ القدرة : معنى من شأنه تأتى الإيجادية ، والإرادة : معنى من شأنه تأتى تخصيص الحادث بحالة دون حالة.
وعند اختلاف التأثيرات لا بدّ من الاختلاف في نفس المؤثر. وهذا بخلاف الكلام ؛ فإن تعلقاته بمتعلقاته لا توجب أثرا ، فضلا عن كونه مختلفا ؛
وفيه نظر ؛ وذلك أنه وإن سلم امتناع صدور الآثار المختلفة عن المؤثر الواحد ؛ مع إمكان النزاع فيه ؛ فهو موجب للاختلاف في نفس القدرة ؛ وذلك لأن القدرة مؤثرة في الوجود ، والوجود عند أصحابنا نفس الذات ، لا أنه زائد عليها. وإلا كانت الذوات (٢) ثابتة في العدم ؛ وذلك مما لا نقول (٣) به.
__________________
(١) فى ب (الإرادة والقدرة والعلم).
(٢) فى ب (الذات).
(٣) فى ب (يقولون).