ويقول عنه تلميذه : الإمام عز الدين بن عبد السّلام. فيما يرويه عنه ابن خلكان قال : «سألت شيخنا الإمام العلامة عز الدين بن عبد السلام عن درس الإمام سيف الدين فقال : «ما سمعت أحدا يلقى الدرس أحسن منه».
ثم يعلق ابن خلكان قائلا : «وكفاك به جلالا ، ونبلا ، أن الإمام عز الدين من أصحابه ، ومن كبار طلابه ، ملازما لدرسه ، راضيا طريقته ، مع خبره علانيته ، وسريرته. ولقد سمعته يوما يقول : ما عرفنا قواعد البحث إلا من الشيخ سيف الدين ... وكان يعظّمه ، ويجلّه ، ويبجّله ، وسمعت عنه أنه قال : «لو ورد على الإسلام متزندق ، أو مشكّك ، لتعين الإمام سيف الدّين لمناظرته ؛ لاجتماع أهلية ذلك فيه» (١)
ويقول عنه تلميذه الإمام ابن الحاجب فيما يرويه عنه ابن خلكان «سمعت الإمام جمال الدين ... المعروف بابن الحاجب يقول : ما صنف في أصول الفقه مثل كتاب الإمام سيف الدين الآمدي (الإحكام في أصول الأحكام) ثم يقول ابن خلكان : ومن محبته له اختصره رحمهالله تعالى» (٢).
وحسبنا دليلا على فضله ، وإمامته. تنافس الملوك على تقريبه ، والانتفاع به ؛ فقد تنافس في طلبه ملوك دمشق ، وحماه وأمد كما مر.
وقد كانت مجالس الإمام الآمدي العلميّة يحضرها الطلبة من جميع الآفاق ، ومن كل المذاهب. كذلك كانت مناظراته التى كان يعقدها في دمشق. يقول الصفدى «وعقد له مجلس المناظرة ليلة الجمعة ، وليلة الثلاثاء من كل أسبوع بالحائط الشمالى من جامع دمشق ، وكان يحضره الأكابر من كل مذهب ، ورحل إليه الطلبة من جميع الآفاق من سائر الطوائف لطلب العلم» (٣).
أما خصومه ـ ومعظمهم من الحنابلة ، والمحدثين ؛ فقد اتفقوا أيضا على إمامته لعلماء عصره ؛ لأنهم لم يستطيعوا انكارها ، وجحدها ؛ فالشّمس لا تنكر. يقول الذهبى ـ أحد خصومه ـ : «كان من أذكياء العالم ... ولم يكن له نظير في الأصول ، والكلام ، والمنطق» (٤).
__________________
(١) الوافى بالوفيات للصفدى ٢١ / ٣٤١.
(٢) المصدر السابق ٢١ / ٣٤١.
(٣) المصدر السابق ٢١ / ٣٤٠.
(٤) العبر في خبر من غبر للذهبى ٥ / ١٢٤.