حالة الافتراق مطلقا. والمختلف إنما هو الأسماء ، وهو أن ذلك الكون القائم بالجوهر عند ضميمة غيره إليه ، يسمى اجتماعا ، وعند انفراده ، لا يسمى بذلك.
ثم (١) وإن سلم أنه لا ينفى (١) حالة الانفراد ، لكنه غير لازم ، وذلك لأن الصفات العرضية : منها ما يقتضي لذاته الضم ، والاجتماع بين المحال : كالصفات الإضافية مثل : الاجتماع ، ونحوه.
ومنها ما لا يقتضي ذلك : كالسواد والبياض ، وغيره (٢) مما ليس بصفة (٢) إضافية ، ولا يلزم من كون الصفات الإضافية كذلك ، طرد ذلك فيما ليس بإضافى ، ولا يخفى أن الإدراك ليس من ذلك القبيل الموجب للجمع ، والضم بين الأجسام.
ومما يدل على أن الإدراك غير مفتقر إلى البنية المخصوصة ، ويخص البصريين القائلين بكون البارى ـ تعالى مدركا أن يقال : لو كانت البنية المخصوصة شرطا في الشاهد ؛ لوجب طردها غائبا ، على ما هو قاعدة الاشتراط عندهم ؛ فإنهم أوجبوا طرد الشرط دون العلة ؛ ويلزم من ذلك وجود البنية المخصوصة في حق الله ـ تعالى ـ لكونه مدركا.
فإن قيل : اشتراط البنية إنما هو في حق المدرك بإدراك ، والبارى ـ تعالى ـ ليس مدركا بإدراك ؛ فلا يشترط البنية في حقه.
[قلنا (٣)] : فقد ناقضوا قاعدتهم في العالمية ، حيث شرطوا كون العالم حيا في الشاهد ، وإن كان عالما بعلم ، وطردوا ذلك في الغائب ، وإن لم يكن عالما بعلم. ولو سئلوا عن الفرق ؛ لم يجدوا إلى ذلك سبيلا.
قولهم : إن ذلك يفضى إلى الالتباس بين الإدراكات ليس كذلك ؛ فإن الالتباس بين الإدراكات لا يكون (٤) بسبب اتحاد محلها ، وإلا لما تصور قيام عرضين بمحل واحد ، إلا وهما متشابهان. ولا يخفى جواز قيام الأعراض المختلفة بالمحل الواحد ، مع عدم التشابه : وذلك : كالسواد ، والحلاوة ، ونحوهما ، وإنما الالتباس ، والاشتباه بين
__________________
(١) فى ب (وإن سلمنا أنه لا يبقى).
(٢) فى ب (ونحوهما مما ليس صفة).
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (إنما يكون).