لغة محكمة الآراء السّلفيّة للقرن السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) فى علم الكلام عند المسلمين. وهو يعتمد في جوهره على (المحصل) لفخر الدين الرازى المتوفى سنة ٦٠٦ ه (١٢٠٩) وعلى (أبكار الأفكار) لسيف الدين الآمدي المتوفى سنة ٦٣١ ه (١٢٣٣ م)» (١).
كما اعتبر (أبكار الأفكار) أساسا لما سمى فيما بعد بعلم كلام المتأخرين ، وتابعه في منهجه معظم من أتى بعده من المتكلمين (٢) ؛ فقد قسمه الآمدي إلى ثمانية قواعد : الأولى : فى العلم ، والثانية : فى النظر ، والثالثة : فيما يتوصل به إلى المطلوبات النظرية.
وهذه القواعد الثلاثة لخصها الإيجى في كتابه المواقف وسماها : الموقف الأول : وقسم هذا الموقف إلى ستة مراصد. المرصد الأول : فيما يجب تقديمه في كل علم. وقد استحدث الإيجى هذا المرصد في كتابه المواقف ؛ لأنه ـ كما بينا ـ كتاب مدرسى.
ثم تحدث في المراصد الثانى ، والثالث ، والرابع : عن العلم. وهذه المراصد الثلاثة تساوى عند الآمدي. القاعدة الأولى : فى العلم.
كما خصص المرصد الخامس للنظر. وهو يساوى عند الآمدي : القاعدة الثانية في النظر.
وتحدث في المرصد السادس : (فى الطريق) ، وهو يساوى عند الآمدي القاعدة الثالثة : فيما يتوصل به إلى المطلوبات النظرية.
وسار على منهج الآمدي في الأبكار ، واعتبر النظر في هذه المسائل من علم الكلام. يقول شارح المواقف في مقدمته لشرح المرصد الثانى : فى تعريف مطلق العلم : «من هاهنا شرع في مقاصد علم الكلام ، وما تقدم في المرصد الأول ؛ كان مقدمة للشروع فيه. ولا بد للمتكلم من تحقيق ماهية العلم أولا ، ومن بيان انقسامه إلى ضرورى ، ومكتسب ثانيا ، ومن الإشارة إلى ثبوت العلوم الضرورية التى إليها المنتهى ثالثا ، ومن بيان أحوال النظر وإفادته للعلم رابعا ، ومن بيان الطريق الّذي يقع فيه النظر
__________________
(١) دائرة المعارف الإسلامية. المجلد الخامس. العدد ٣٦. ص ٢٧٨ ، ٢٧٩ مطابع الشعب. إعداد إبراهيم زكى خورشيد وآخرين.
(٢) انظر منهجه ص ١٣١ ـ ١٥٣ من بحثنا للدكتوراه.