وأما الهواء : فقد اختلفوا في رؤيته.
فمنهم من قال : هو مرئى الآن ليلا ، ونهارا ، كأكثر أصحابنا.
ومنهم من منع ذلك مطلقا : كالمعتزلة.
ومنهم : من جوز ذلك ليلا ، لا نهارا : وكل ما صح أن يرى ؛ فهو مرئى لكل راء ؛ خلافا للقاضى أبى بكر ، وبعض المعتزلة.
أما القاضى : فإنه قال : الرؤية المخلوقة لزيد لا يراها ، ويجوز أن يراها غيره.
وأما بعض المعتزلة : فإنهم قالوا : ذات الله ـ تعالى ـ مرئية له غير مرئية لمن سواه ، وكذلك فناء الجواهر (١) مرئى لله ـ تعالى ـ دون المخلوقين.
ومنهم : من طرد المنع من الرؤية في هاتين الصورتين مطلقا
أما صحة تعلق الرؤية بكل موجود على أصل أصحابنا : فمبنى على أن مصحح (٢) الرؤية (٢) هو الوجود ؛ فإن صح ذلك ـ على ما سيستقصى الكلام فيه في رؤية الله (٣) ـ تعالى ـ فهو الحجة على مذهبهم. وإبطال مذاهب المخالفين في امتناع رؤية بعض الموجودات ، والقائلين برؤية [بعض (٤)] المعدومات.
وعلى هذا فمن قال بالأحوال / من أصحابنا ؛ فلا سبيل إلى كونها مرئية عنده ـ وإن كانت ثابتة ـ ضرورة عدم المصحح لرؤيتها ، وهو الوجود ؛ إذ هى غير موجودة ، ولا معدومة.
والّذي يخص المنكرين رؤية (٥) الألوان ، والصفات : كعبد الله بن سعيد : ما يجده كل عاقل من نفسه من إدراك السواد ، والبياض ، وغير ذلك من الألوان. ولو ساغ إنكار ذلك ؛ لساغ إنكار كل مشاهد مرئى ؛ ولا يخفى ما فيه من المحال.
__________________
(١) فى ب (الجوهر).
(٢) فى ب (المصحح للرؤية).
(٣) انظر ل ١٢٤ / ب وما بعدها.
(٤) ساقط من أ.
(٥) فى ب (من رؤية).