ولا جائز أن يكون صفة لغير الحادث ؛ وإلا لما وصف الحادث به. كما لا يوصف المحل بكونه أسود بسواد قائم بغيره.
الثالث : أنه لو كان الإمكان صفة وجودية : فإما أن يكون واجبا لذاته ، أو ممتنعا لذاته ، أو ممكنا لذاته.
لا جائز أن يكون واجبا لذاته : وإلا لما كان صفة لغيره.
ولا جائز أن يكون ممكنا ، وإلا كان ممكنا بإمكان آخر ؛ ولزم التسلسل. فلم يبق إلا أن يكون ممتنع الوجود لذاته ؛ وهو المطلوب.
وإذا ثبت أن صحة الرؤية ليس أمرا ثبوتيا ؛ فما ليس بثبوتى لا يفتقر إلى علة ؛ لأن العلة : إما وجودية ، أو عدمية.
فإن كانت وجودية : فإما قديمة ، أو حادثة.
فإن كانت قديمة ؛ فهو ممتنع ؛ لأن القديم لا تخصص له بعدم دون عدم ؛ فيجب أن يكون علة لكل معدوم ، وأن لا يزول الإعدام أبدا ؛ ضرورة أن العلة الموجبة / لها موجودة قديمة ، وأن القديم الموجود لا يزول كما يأتى تحقيقه ، وأنه يلزم من دوام العلة دوام معلولها.
وإن كانت العلة الموجودة حادثة ؛ فهو محال ؛ لأن العدم الّذي هو معلولها سابق عليها ؛ والمعلول لا يسبق العلة. وإن كانت العلة عدمية ؛ فهو ممتنع لثلاثة أوجه :
الأول ، والثانى : ما سبق في تقرير الدليل.
والثالث : أن الأعدام من حيث هى أعدام متساوية ، بخلاف الذوات الموجودة ، فلو كان العدم علة للعدم ؛ لكان أحد المتساويين علة للآخر ؛ وليس هو أولى من العكس.
سلمنا أن صحة الرؤية أمر ثبوتى ؛ ولكن لا نسلم أن كل أمر ثبوتى لشيء يجب أن يكون معللا.
قولكم : إنه (١) لو كانت الأجسام ، والألوان معدومة استحال (٢) أن تكون مرئية. لا
__________________
(١) ساقط من ب
(٢) فى ب (لاستحالة).