نسلم ذلك ، وما (١) المانع من كون المعدوم مرئيا كما ذهب إليه السالمية (١)؟ ولا سيما (٢) على أصلكم من حيث أن الإدراك نوع من العلم والمعدوم معلوم ؛ فلا يمتنع تعلق الإدراك به.
سلمنا استحالة رؤية المعدوم ؛ ولكن لم قلتم إن رؤية الأجسام ، والألوان معللة؟
قولكم : لو لم يختص بمعنى توجب صحة رؤيتها ، لما اختصت بالرؤية بل عم الحكم نفيا ، أو إثباتا.
قلنا : هذا منتقض بصور.
الصورة الأولى : أن اختصاص محل الحكم بالعلّة ، أمر زائد على المحل ، وعلى نفس العلة ، ومع ذلك فإنه لا يستدعى مخصصا آخر ، وإلا لتسلسل الأمر إلى غير النهاية ؛ وهو محال.
الصورة الثانية : أن اختصاص العلة بكونها علة للحكم أمر زائد عليها ، وعلى المعلول أيضا ، ومع ذلك فلا يستدعى مخصصا نفيا للتسلسل.
الصورة الثالثة : أن المعلومية ، والمذكورية حكم زائد على ذات المذكور والمعلوم ، وليس بمعلل ؛ لأنه يعم الوجود ، والعدم ؛ فلو كان معللا : فإما أن يعلل بصفة إثبات ، أو نفى.
فإن علل بصفة إثبات : انتقض بكون المعدوم معلوما ، ومذكورا.
وإن علل بصفة عدم : انتقض بكون الموجود معلوما ، ومذكورا.
كيف وأن العدم لا يصلح أن يكون علة على ما تقدم ، وكذلك الكلام في المقدور ، والمراد أيضا (٣).
الصورة الرابعة : أن اختصاص المحل (٤) بالسواد ، والبياض (٤) ، وغير ذلك من الأعراض صفة إثباتية زائدة / على ذات المحل ، وقد اختص به عما ليس بذى سواد ، ولا بياض ، ومع ذلك فإنه غير معلل ؛ وإلا لزم التسلسل.
__________________
(١) مكررة في أل ١٢٦ / ب س ٩.
(٢) فى ب (وسيما).
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (بالبياض والسواد).