وأما المعلومية ، والمقدورية ، والمذكورية : فلا يمكن أن تكون مصححة للرؤية لوجهين :
الأول : إنها إما أن تكون صفة لما قيل إنه معلوم ، ومقدور ، ومذكور ، وإما أن لا تكون صفة له.
فإن كان الأول : فيلزم أن لا تكون صفة وجودية ؛ ضرورة صحة اتصاف المعدوم بها.
وإن لم تكن صفة له : فلا يكون علة مصححة لرؤيته ؛ إذ العلة لا تخرج عن محل حكمها كما تقدم.
الثانى : أن هذه الصفات ثابتة للمعدوم ، وليس بمرئى.
قولهم : لم قلتم إن الحدوث لا يكون علة؟
قلنا : لما ذكرناه.
قولهم : إن سبقية العدم عارض للحدوث.
قلنا : الوجود إذا سبقه العدم صدق عليه اسم الحدوث. فإن كان العدم داخلا في مفهوم الحدوث ؛ فهو المطلوب.
وإن كان عارضا : فهو عارض للوجود.
وعلى كلا التقديرين : فيمتنع (١) أخذه في المصحح ؛ فلم يبق إلا التعليل بالوجود.
قولهم : إن الوجود حال. لا نسلم أنه حال ؛ بل هو نفس الموجود. وإن كان حالا ؛ فلا نسلم أنه يمتنع التعليل به. وإن امتنع التعليل بما عداه من الأحوال التى ليست من الصفات الوجودية.
قولهم : / إن التعليل بالوجود مشروط بالحدوث.
قلنا : إذا كان الحدوث لا تحقق له دون سبق العدم ؛ فالعدم السابق ، يكون (٢) شرطا (٢) فى تصحيح الرؤية. والشرط يجب أن يكون متحققا مع المشروط ، والعدم السابق على الوجود المرئى لا يكون معه ؛ فلا يكون شرطا في رؤيته.
__________________
(١) فى ب (يمتنع).
(٢) فى ب (يجب أن يكون شرطا).