ولهذا يقال : أقبل وجوه القوم : أى رؤساؤهم ، وأشرافهم. ويدل على ذلك قوله ـ تعالى (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (١). والأصل اتحاد المفهوم من لفظ الوجوه هاهنا ، وليس المراد من قوله : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) الوجوه (٢) بمعنى الجوارح بدليل قوله ـ تعالى ـ (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ).
والظن ليس للوجوه بمعنى الجوارح ؛ [فكذلك (٣) فى الوجوه الناظرة.
سلمنا أن الوجوه بمعنى الجوارح (٣)] ؛ ولكن لا نسلم أن المراد من النظر المضاف إليها الرؤية.
قولكم : إن النظر الموصول بإلى في اللغة : للرؤية.
قلنا : لا نسلم أن إلى هاهنا (٤) حرف ، وبيانه هو أن (٤) إلى قد تكون اسما ، فإن (٥) إلى (٥) واحد الآلاء أى النعم. ومنه قول الشاعر :
أبيض لا يرهب النزال ولا |
|
يقطّع رحما ولا يخون إلى |
وقد ترد بمعنى عند. ومنه قول الشاعر :
فهل لكم فيما إلى فاننى |
|
طبيب بما أعيى النّطاسى حذيما (٦) |
أى فيما عندى.
وعلى هذا فبتقدير أن يكون بمعنى واحد الآلاء ؛ فيكون معنى قوله (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٧) : أى نعمة ربها منتظرة. وعلى تقدير أن يكون بمعنى عند ؛ فيكون معناه وجوه يومئذ ناظرة إلى / ربها ناظرة : أى عند ربها منتظرة نعمة ربها.
__________________
(١) سورة القيامة ٧٥ / ٢٤.
(٢) ساقط من ب.
(٣) من أول (فكذلك في الوجوه ...) ساقط من أ.
(٤) فى ب (هاهنا وبيانه أن).
(٥) فى ب (فإنها).
(٦) القائل : أوس بن حجر انظر خزانة الأدب ٤ / ٣٧٣ تحقيق عبد السلام هارون نشر الدار القومية ـ وقد استشهد به صاحب الكشاف وذكره في تفسيره ١ / ١٧١.
(٧) سورة القيامة ٧٥ / ٢٢ ، ٢٣.