وقال بعض الأصحاب : العلم إثبات المعلوم على ما هو به.
وهو فاسد من ثلاثة أوجه (١) :
الأول : أنّ فيه تعريف العلم بالمعلوم ؛ وهو فاسد ؛ على ما تقدم.
الثانى : أنّه إذا كان العلم إثبات المعلوم ؛ فالعالم بالمعلوم يكون مثبتا للمعلوم ؛ ويلزم من ذلك أن يكون علمنا بوجود الرّب تعالى : إثباتا له ؛ وهو محال.
الثالث : أنّ الإثبات قد يطلق ويراد به إيجاد الشّيء ، وقد يطلق ويراد به تسكين الشيء عن الحركة ، وقد يطلق تجوّزا على العلم.
ولا يخفى أنّ إرادة الإثبات بالاعتبار الأول والثّاني فيما نحن فيه ؛ ممتنع. والثالث / فيه تعريف العلم بالعلم ؛ وهو ممتنع.
وقال غيره من الأصحاب : العلم تبيين المعلوم على ما هو به.
ولا يخفى ما فيه من الزّيادة ، وتعريف العلم بما هو أخفى منه. والّذي يخصه أن التبيين مشعر بالظّهور بعد الخفاء ، والوضوح بعد الإبهام ؛ وذلك ممّا يوجب خروج علم الرّبّ تعالى عن الحدّ.
وقال غيره : العلم هو الثّقة (٢) بأن المعلوم على ما هو عليه.
ولا يخفى ما فيه من الزّيادة ، وتعريف العلم بما هو أخفى منه.
كيف وأنّه يلزم من كون العلم هو الثقة (٢) بالمعلوم ؛ أن يكون من قام [به] (٣) العلم واثقا ؛ وذلك يوجب كون البارى تعالى واثقا بما هو عالم به ، وإطلاق ذلك على الله ـ تعالى ـ ممتنع شرعا.
وقالت الفلاسفة : العلم عبارة عن انطباع صورة المعلوم في النّفس.
ويلزم عليه أنّ من علم الحرارة والبرودة : أن تكون صورة الحرارة ، والبرودة ؛ منطبعة في نفسه ؛ ويلزم من ذلك أن يكون العالم بهما حارا ، أو باردا ؛ وهو محال.
__________________
(١) قارن بما ورد في شرح المواقف ١ / ٨١ فمن الواضح أنه نقل هذا عن الآمدي.
(٢) من أول (بأن المعلوم على ما هو ...) ساقط من (ب).
(٣) كلمة (به) ساقطة من (أ).