فإن طريق عدم الجوهر عندنا إنما هو بأن لا يخلق الله ـ تعالى ـ الأعراض القائمة التى لا عروّ له عنها ، وذلك غير متصور مثله : فى الأعراض إذ العرض [لا يقوم بالعرض (١)] كما سبق تحقيقه (٢). وما ذكروه من المعارضة الأولى
وقولهم : إنا نشاهد استمرار السّواد ، والبياض.
قلنا : ذلك لا يدل على اتحاد المشاهد ؛ لجواز أن تكون أمثالا متعاقبة من غير تخلل فاصل.
كما نشاهده من الماء الدافق من أنبوب كأنه شيئا متصلا لا انقطاع له ؛ وهو من أمثال متحددة.
وقولهم : لو أمكن أن يقال ذلك فى الألوان ؛ لأمكن أن يقال مثله فى الأجسام.
قلنا : هذا تمثيل من غير دليل ؛ فلا يقبل ،
وليس مستند قولنا ببقاء الجواهر ما نشاهده من الاستمرار ؛ ليلزم ما ذكروه من الإلزام ؛ بل (٣) العلم ببقاء الأجسام ضرورى وما كان ضروريا ؛ فلا يكون قابلا للتشكيل (٣).
وما ذكروه من الوجه الثانى فعنه جوابان :
الأول : منع إعادة الأعراض على قول الشيخ أبى الحسن الأشعرى.
الثانى : وإن سلمنا إعادة الأعراض ؛ ولكن لم قالوا : إنه يلزم من وجود العرض الواحد فى وقتين يفصلهما عدم وجوده فى وقتين متماثلين من غير دليل جامع ، مع أن الأول ليس بقاء ، والثانى بقاء. وما المانع أن يكون توسّط العدم بين الوقتين شرطا فى الوجود فى الزمن الثانى ، أو أن عدمه مانع.
وما ذكروه من الوجه الثالث ؛ فدعوى مجردة من غير دليل.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) راجع ما مر فى هذا الجزء ـ الأصل الثانى ـ الفصل الثالث : فى استحالة قيام العرض بالعرض. ل ٤٢ / ب وما بعدها.
(٣) من أول (بل العلم ببقاء الأجسام ضرورى ، وما كان ضروريا ؛ فلا يكون قابلا للتشكيل) ساقط من ب.