الفصل الحادى عشر
فى أقوال الفلاسفة فى مزاج العناصر ، وامتزاجها ، ومناقضتهم فيها (١)
قالوا ، والعناصر قد تتحرك إلى الجهات المختلفة بأسباب سماوية وأرضية ، وربما حصل بسبب ذلك بين أجزائها اختلاط ، وعلى حسب التفاوت فى تصغير أجزائها ، وكبرها ، يكون كون الامعان فى اختلاط أجزائها.
وعند ذلك : فإما أن لا يحصل بين أجزائها تفاعل ، أو يحصل بحيث يفعل البعض منها فى البعض ، وينفعل عنه.
فإن كان الأول : فيسمى ذلك الاجتماع اختلاطا فقط.
وإن كان الثانى : فإما أن / يؤدى التفاعل بين أجزائها بسبب ذلك الاختلاط إلى حد يحيل البعض إلى البعض إلى نوعه لقهره له ، واستيلائه عليه ، أو يقف الأمر فى التفاعل على حد يوجد كيفية متشابهة.
فإن كان الأول : فهو الكون : فى نوع الغالب ، والفساد : فى نوع المغلوب.
وإن كان الثانى : فذلك الاختلاط المستلزم للتفاعل سمى امتزاجا ، والكيفية الحاصلة عنه : تسمى مزاجا ، ثم ذلك المزاج إما أن يكون مع تساوى الكيفيات ، أو مع تفاوتها.
فإن كان الأول : فهو المزاج المعتدل.
وإن كان الثانى : فهو المزاج الخارج عن الاعتدال.
فإن كان ذلك مع غلبه واحد من الكيفيات على تقابلها واعتدال الباقى ؛ فهو المزاج الخارج المفرد.
وإن كان مع غلبة اثنين على مقابلهما ؛ فهو المزاج الخارج المركب.
وعلى هذا : فما كان من الممتزجات يتحرك رأسيا تحت الماء ؛
__________________
(١) عرف الآمدي المزاج والامتزاج فى كتابه المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين ص ١٠١ فقال : «أما المزاج : فعبارة عن كيفية حادثة عن تفاعل بين كيفيات العناصر بعضها عن بعض باجتماعها وتماسها.
وأما الامتزاج : فعبارة عن اجتماع عناصر متفاعلة الكيفيات».