الفصل السادس
فيما اختلف فى كونه متحركا وبيان الحق فيه (١)
وقد اختلف فى ذلك فى صور.
الصورة الأولى (٢) : أنه إذا تحرك الجسم من مكان إلى مكان ، فقد اتفقوا على تحرك الجواهر الظاهرة منه ، لمفارقتها أحيازها.
واختلفوا فى الجوهر المتوسط الباطن منه. هل هو متحرك أم لا؟
فقال بعضهم : إنه متحرك ؛ لأنه لو لم يكن متحركا ؛ لكان ساكنا ولا واسطة فيما هو قابل للحركة ، والسكون ، بين الحركة والسكون.
ولو كان ساكنا مع حركة باقى الأجزاء ؛ لحصل الانفكاك ، والانفصال ؛ وهو خلاف المحسوس ؛ ولأن الحيز المحيط بكلية الجسم حيز له أيضا.
وإن لم يكن مماسا له ؛ إذ هو حيز حيزه ، والداخل فى الداخل داخل.
فإذن هو داخل فى حيز حيزه ؛ فيكون متحيزا به أيضا. وقد خرج عنه إلى غيره لا محالة ؛ فيكون متحركا عنه.
وقال بعضهم : إنه غير متحرك نظرا إلى أن حيزه إنما هو الجواهر المحيطة به ؛ وهو غير مفارق لها ، ولا منفصل عنها.
ثم اختلف هؤلاء فى المستقر فى السفينة المتحركة :
فمنهم من قال : إنه ليس. بمتحرك. كما فى الجوهر الباطن من الجسم المتحرك.
ومنهم من قال : إنه متحرك. وفرق بينه ، وبين الجوهر الباطن من الجسم المتحرك من حيث أن الجوهر لم يفارق المحيطة به بخلاف راكب السفينة ، فإنه مفارق للجواهر الهوائية المحيطة به ، وخارق لها ، وخارج منها من شيء إلى شيء ، وعلى هذا / فالحجر المستقر فى قعر الماء السيال ؛ لتبدل أحيازه عليه ؛ يكون متحركا.
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة قارن بما أورده إمام الحرمين الجوينى فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٥٣ ـ ٤٥٥ فصل مشتمل على اختلافات فى أحكام الحركات راجعة إلى الألقاب والعبارات.
(٢) قارن ما أورده الآمدي فى الصورة الأولى بما أورده إمام الحرمين الجوينى فى الشامل ص ٤٥٤ ، ٤٥٥.