وإن لم يكن عدم العرض فى الزمن الثانى مع جواز وجوده فيه بمقتض اقتضى العدم ؛ فيلزم منه ترجح أحد الجائزين على الآخر من غير مرجح ؛ وهو محال ؛ لما سبق تقريره فى إثبات واجب الوجود (١).
فهذه هى الطريقة المعتمدة للأئمة فى هذه المسألة وإن زادت عباراتهم ونقصت فيها ؛ فمآل الكل راجع إلى مقصد واحد غير أنا زدناها تحريرا ، وتقريرا ؛ لا يخفى على المتأمل العارف بقواعد الأصول وجهته.
فإن قيل : سلمنا الحصر فيما ذكرتموه من الأقسام ؛ ولكن ما المانع أن يكون العدم ضدّا؟
وما ذكرتموه فى الوجه الأول من الأقسام ؛ فلا نسلم الحصر فيها إذ أمكن أن يقال بوجود قسم رابع ، وهو أن يكون وجود الضد وعدم العرض المضادّ له معا لا أنه وجد ، والعرض موجود ليقال باجتماع الضدين ولا أنه وجد والعرض كان معدوما ، ليقال لا تأثير لوجوده فيه ، ولا أنه غير موجود ولا معدوم ؛ ليقال بابطاله.
وأما ما ذكرتموه فى الوجه الثانى فما المانع أن يكون الطارئ أقوى من السابق ، وعند ذلك : فيكون أولى باعدام السابق.
ثم دليل كونه أقوى أنه فى أول زمان حدوثه ، وأقرب إلى السبب المقتضى / له من العرض السابق.
ولهذا كانت كل صناعة محكمة قريبة من السّبب الموجب لها ؛ أقوى منها فى دوامها وبعدها عن سببها.
وإن سلمنا امتناع كونه ضدّا فما المانع من كونه فاعلا مختارا. [وما ذكرتموه فى تقريره ؛ فقد سبق جوابه] (٢).
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول : فى إثبات واجب الوجود بذاته ، وبيان حقيقته ووجوده ل ٤١ / أوما بعدها.
(٢) ساقط من أ. [راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٢١١ / ب وما بعدها.