الفصل الثامن
فى بقية أحكام الاجتماع والافتراق
خاصة على أصول أصحابنا (١)
فمنها : أن الجوهر الفرد إذا كان مستقرا فى حيزه ، ولم ينضم إليه جوهر آخر : فقد قال الأستاذ أبو إسحاق فيه ست مباينات مضادة للست مجاورات.
وإن انضم إليه جوهر واحد فيه خمس مباينات مضادة لخمس مجاورات ، ومجاورة واحدة مضادّة لمباينة واحدة. وعلى هذا النحو فى الزيادة والنقصان وما باينه من الجواهر ؛ فغير معينة بخلاف ما يماسه ؛ فإنه لا يكون الا معينا. هذا كله فيما لم يحصل فيه المماسة أولا.
وأما ما حصلت فيه المباينة بعد المماسة ؛ فقد قال فى قول : إن المباينة الطارئة للجواهر المعينة التى كانت مماسة له.
وقال فى قول آخر : إنه مباين بست مباينات لستة جواهر غير معينة وهذا تفريع منه على أن المماسة ، / والمباينة من الأعراض الزائدة على نفس الكون المخصص للجوهر بحيزه ، وأن المماسة متعدّدة ، وقد عرف ما فيه.
ومنها : أنه لو وجد جوهران فى حيّزين بينهما أحياز ثم وجد جوهر آخر منضما إلى أحد الجوهرين ؛ فهو لا محالة قريب من المنضم إليه ، وبعيد من الآخر.
فقال الأصحاب : عين قرب المتوسّط من أحد الجوهرين هو عين بعده من الآخر.
وقال الأستاذ أبو إسحاق : القرب غير البعد ؛ لأنه لو كان القرب من أحد الجوهرين ، هو عين البعد من الجوهر الآخر ؛ فيلزم منه أنه لو قدّر انضمام الجوهر البعيد إلى القريب ، وانتقاله إليه أن يبطل البعد بينهما بمضادة القرب له.
ويلزم من إبطال بعده من أحد الجوهرين ، إبطال قربه من الآخر ؛ ضرورة الاتّحاد ؛ وهو محال (٢).
__________________
(١) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين ص ٤٥٧ وما بعدها.
(٢) قارن بما ورد فى الشامل فى أصول الدين للجوينى ص ٤٥٩.