ولو جاز ذلك ؛ لجاز قيام العلم الواحد بمحلين ، والقدرة الواحدة بمحلين ، والجوهر الواحد بحيّزين ، إلى غير ذلك ؛ والكل محال.
وإن كان الثانى : فلم يكن ما قام بهما واحدا ؛ إذ الواحد لا تعدّد فيه ولا تبعيض ؛ وهو خلاف الفرض ، وما نجده فى بعض الأجسام من صعوبة فكّ بعض أجزائه عن بعض ؛ فليس ذلك لاتحاد التأليف كما ظنوه ؛ بل إنما ذلك لعدم خلق القدرة عليه بحكم جرى العادة.
هذا إن كان قائما بمحل القدرة ، وإلا فلعدم تعلّق القدرة به.
وإن سلمنا إمكان قيام التأليف الواحد بجوهرين ، غير أن التأليف عندهم من الأعراض الباقية ، وهو متولد من المجاورة ، والمباينة ضد عندهم للمجاورة دون التأليف.
ومن أصلهم أنه لا يلزم من انتفاء السبب المولد ، انتفاء المسبب.
وعند ذلك فإن قالوا : بوجود التأليف مع انتفاء المجاورة بالمباينة فقد ارتكبوا محالا ، وإن قالوا بلزوم انتفاء التأليف عند انتفاء المجاورة بالمباينة ؛ فقد نقضوا أصلهم.
وأما مذهب الأستاذ أبى إسحاق وإن كان أقرب مما تقدم ؛ لكن يلزم عليه ما ألزمناه من الإشكال الأول على مذهب الشيخ أبى الحسن.
فإذن الأقرب إلى أصول أصحابنا فى تقرير امتناع اشتراط البنية المخصوصة فى عرض من الأعراض ما ذكره القاضى أبو بكر ؛ فعليك بتفهمه ، وتحقيقه (١).
__________________
(١) بعد أن ناقش الآمدي آراء أئمة المذاهب : الشيخ الأشعرى ، والأستاذ أبى إسحاق والقاضى الباقلانى. والمعتزلة رفض ما ذهب إليه المعتزلة وناقش الشيخ والأستاذ وأيد ما ذهب إليه القاضى وقال : فعليك بتفهمه وتحقيقه.