فإنه وإن كان متأخرا عن السرير فى الوجود العينى ؛ فلا بد وأن يكون متقدما بالذات فى الوجود العقلى.
وأما المتقدم بالطبع (١) :
فهو ما لا يتم وجود غيره دون وجوده ، ووجوده غير متوقف على ذلك الغير ، ولا هو علة لذلك الغير بأحد الأقسام السابقة ، وبه يفارق القسم الأول : وذلك كالواحد بالنسبة إلى الاثنين ونحوه.
وأما المتقدم بالشرف (٢) :
فهو ما تقدمه على غيره لاختصاصه
إما بأصل وفضيلة ، لا وجود لها فى ذلك الغير : كتقدم الإنسان بالنطق على غيره من الحيوانات العجماوات.
أو بزيادة فى تلك الفضيلة : كتقدم الأعلم ، على العالم ، ونحوه.
وأما المتقدم بالرتبة (٣) :
فهو ما كان أقرب إلى مبدأ محدود من غيره.
إما عقلا : كتقدم النوع على الشخص بالنسبة إلى الجنس
وإما حسيا : كتقدم الإمام على من خلفه من المأمومين بالنسبة إلى المحراب.
__________________
(١) التقدم الطبعى : هو كون الشيء الّذي لا يمكن أن يوجد آخرا إلا وهو موجود ، وقد يمكن أن يوجد هو ، ولا يكون الشيء الآخر موجودا ، وأن لا يكون المتقدم علة للمتأخر.
فالمحتاج إليه إن استقل بتحصيل المحتاج كان متقدما عليه تقدما بالعلة ، كتقدم حركة اليد على حركة المفتاح ، وإن لم يستقل بذلك كان متقدما عليه تقدما بالطبع ، كتقدم الواحد على الاثنين ، فإن الاثنين يتوقف على الواحد ، ولا يكون الواحد مؤثرا فيه [كتاب التعريفات للجرجانى ص ٧١].
(٢) وقد عرفه الآمدي فقال : «وأما المتقدم بالشرف : فهو اختصاص أحد الشيئين على الآخر بكمال لا وجود له فيه :
كتقدم النبي صلىاللهعليهوسلم ـ على العالم. (المبين ص ١١٧).
(٣) وقد عرفه الآمدي فقال : «وأما المتقدم بالرتبة : فعبارة عما كان أقرب إلى مبدأ محدود من غيره : كتقدم الإمام على المأموم بالنسبة إلى المحراب. وعلى هذا تكون أقسام المتأخر ومعا».
[المبين فى شرح معانى ألفاظ الحكماء والمتكلمين للآمدى ص ١١٧].