والحق أن الاختلاف فى حركة الجوهر الباطن من الجسم المتحرك ، آئل إلى الخلاف فى التسمية ؛ فإن من منع من كونه متحركا كما يعنى به ، أنه غير مفارق للجواهر المحيطة به ، ولا يمنع من تبدل الحيّز المحيط به بجملة الجسم عليه.
ومن قال إنه متحرك لم يعن عنه ، غير تبدّل الحيّز المحيط بكل الجسم عليه ولا يمنع من كونه غير متحرك بمعنى أنه غير مفارق للجواهر المحيطة به ؛ ولاحظ لذلك فى المعنى.
الصورة الثانية : قال الأستاذ أبو إسحاق (١) : إذا كان الجوهر مستقرا فى مكانه ، وتحرك عليه جوهر آخر من جهة إلى جهة ، بحيث تبدّلت محاذاته له ؛ فالجوهر المستقر فى مكانه ، يكون متحركا. والتزم على ذلك أنه لو تبدلت عليه المحاذات من جهة إلى جهة بأن تحرك عليه جوهران أحدهما من جهة يمينه ، والآخر بالعكس ؛ أنه يكون متحركا يمنة ، ويسرة فى حالة واحده.
وزعم أن الحركة منها ما يزول بها الشيء المتحرك عن حيّزه ، وبهذا الاعتبار لا يكون الجوهر متحركا يمنة ، ويسرة معا.
ومنها ما لا يزول بها المتحرك ؛ بل يزول بها عنه غيره.
والحركة بهذا الاعتبار لا يمتنع فيها ذلك.
وخالفه فى ذلك الجماعة وشددوا فى الإنكار عليه ، ولا معنى لإنكارهم تسمية ما عنه حركة إذا لم يعن بكونه متحركا ، أنه خارج من حيّزه وداخل فى حيّز ؛ بل غايته أنه أطلق اسم الحركة على اختلاف المحاذيات ، كما أطلق الأصحاب اسم السكون على الحركة ، ولا معنى للنزاع فى التسمية.
__________________
(١) هو الأستاذ أبو إسحاق : إبراهيم بن محمد بن مهران الأسفرايينى ـ انظر عنه ما مر فى الجزء الأول هامش ل ٥ / أ.
أما عن رأيه الّذي نقله عنه الآمدي ؛ فقارن بما أورده إمام الحرمين الجوينى فى الشامل ص ٤٥٣ ، ٤٥٤.