وليس معنى كون العلم علة للعالمية ، أن العلم مقتض للعالمية : كاقتضاء القدرة مقدورها ؛ بل معناه أن العالمية ملازمة في حدوثها لحدوث العلم لا غير ؛ وهذا هو الحق وعليه التعويل إذا فرعنا على القول بالأحوال ويدل على ذلك. أن هذه الصفات صفات إثباتية متجددة بعد أن لم تكن.
وعند ذلك : فلا يخلو إما أن تكون واجبة لذاتها ، أو ممكنة لذاتها.
لا جائز أن تكون واجبة الثبوت لذاتها لوجهين :
الأول : أنها لو كانت واجبة الثبوت لذاتها ، لما زالت ثابتة وقد قيل إنه لا ثبوت لها قبل الحدوث.
الثانى : أنها لو كانت واجبة الثبوت لذاتها ؛ لما كانت صفة للغير على ما عرف غير مرة.
وإن كانت ممكنة الثبوت لذاتها : فكل ما هو ممكن أن يكون ؛ فهو ممكن أن لا يكون.
وما هذا شأنه ؛ فلا بد له من مرجح لثبوته على نفيه ، وإلا لتحقق أحد الجائزين من غير مرجح ؛ وهو محال كما سبق (١).
وإذا لم يكن بد من المرجح ؛ فقد بينا أنه لا مؤثر إلا الله تعالى (٢).
ولا مثبت سواه ؛ فيلزم أن تكون مستندة إليه كاستناد الحدوث إليه ؛ هذا بالنظر إلى الدلالة.
وأما الإلزام : فهو أن الحدوث حال متجددة.
وما ذكروه من الصفات أحوال متجددة.
ولو قيل لهم ما الفرق بين الحدوث ، وباقى صفات الأحوال اللازمة للحدوث ، حتى كان الحدوث بفعل الفاعل ، دون غيره ، لم يجدوا إليه سبيلا.
__________________
(١) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع الأول ل ٤١ / أوما بعدها.
(٢) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى : فى أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ ولا مؤثر فى حدوث الحوادث سواه ل ٢١١ / ب وما بعدها.