وبيان اللزوم : هو أن حكم التماثل بين المتماثلات ، واحد من حيث هو تماثل ؛ فقد يوجد ذلك بين السوادين ، كما يوجد بين البياضين. وإذا جاز تماثل البياضين ؛ لاستوائهما فى أخص وصف البياض وتماثل السوادين ، لاشتراكهما فى أخص وصف السواد ؛ فلا يخفى أن أخص وصف السواد ، مخالف لأخص وصف البياض ؛ وبه وقع الاختلاف بين السواد ، والبياض.
ويلزم من ذلك أن يكون التماثل بين البياضين ، وبين السوادين مع اتحاد مفهومه معللا بخصوص وصف السواد ، وخصوص وصف البياض مع اختلافهما فيه ، وتعليل الحكم الواحد بعلل مختلفة ؛ وهو محال (١).
وإلا لجاز أن يكون حكم العالمية ؛ معللا بالعلم تارة ، وبالقدرة تارة ؛ وهو خلاف المعقول ، وحكم العالم من حيث هو عالم ، وإن لم يختلف عندنا شاهدا ولا غائبا بناء على قولنا بالأحوال ؛ فهو معلل بالعلم والعلم من حيث هو علم لا يختلف شاهدا ولا غائبا ؛ وإن اختلفا فى جهة العرضية ، والحدوث. وغير ذلك ؛ فكانت علة الحكم فى الشاهد ، والغائب واحدة ؛ بخلاف ما ذكروه.
فإن قيل : والتماثل بين السوادين ، وبين البياضين ، وإن كان واحدا إلا أنه معلل فى البياضين ، والسوادين ، بالاشتراك فى أخص وصفيهما ، وأخص وصف السواد من حيث هو أخص وصف ؛ لا يخالف أخص وصف البياض / من حيث هو (١١) / / أخص وصف وإن اختلفا من جهة السوادية ، والبياضية ؛ فتعليل التماثل فى الكل ؛ يكون أيضا بعلة واحدة.
قلنا : فاخص وصف النفس : إما أن يكون زائدا فى البياض ، والسواد على مفهوم كون السواد سوادا ، ومفهوم كون البياض بياضا ، أو لا يكون زائدا عليه.
فإن كان الأول : فهو باطل من وجهين :
__________________
(١) انظر ما سيأتى فى الباب الثالث ـ الأصل الثانى ـ الفصل السابع : فى أن الحكم الواحد لا يثبت بعلتين مختلفتين ، ولا بعلة مركبه من أوصاف ل ١٢٥ / أوما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٣٨ / ب من النسخة ب.