وعلى هذا : فلا يلزم أن تكون الحالة الرافعة وجودية] (١) ، وقد أورد صاحب الطريقة على ما ذكر نقوضا أخرى ، ولم يجب عنها تفصيلا لا بد من الإشارة إليها ، وإلى أجوبتها تكميلا للفائدة.
الأول منها : أنه قال : الحوادث ممتنعة الوجود فى الأزل عند أهل الحق وقد انقلبت جائزة الحدوث فى لا يزال فقد تبدل الامتناع بالإمكان ؛ والامتناع ليس وصفا وجوديا ، وإلا كان المتصف به وهو الممتنع ثبوتا ؛ وهو محال.
والإمكان ليس وصفا ثبوتيا : أيضا ؛ لأنه لو كان أمرا ثبوتيا : فإما واجب لذاته ، أو ممكن. لا جائز أن يقال بالأول : وإلا لما كان صفة لغيره ، ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا كان ممكنا بإمكان زائد عليه والكلام فى ذلك الإمكان : كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
الثانى : وهو إن قيل : حصول الحادث المعين ، لا يصدق على الرب ـ تعالى ـ أنه عالم بوجوده ؛ بل هو غير عالم بوجوده. وبعد الوجود يصدق عليه أنه عالم بوجوده ، والحالة السابقة : عدمية والحالة الثانية : عدمية ؛ لأنها لو كانت مع تجددها أمرا ثبوتيا ؛ لكان الرب ـ تعالى ـ محلا للحوادث ؛ وهو محال عندكم.
الثالث : أن الجسم قبل حلول العرض المعين فيه ؛ لم يكن محلا لذلك العرض. ثم بعد حصول ذلك العرض فيه صار محلا له. وكونه ليس محلا حالة عدمية والحالة الثانية : وهى كونه محلا : حالة عدمية.
لأنها لو كانت ثبوتية ؛ وهى صفة زائدة على الذات الموصوفة بها ؛ لكانت صفة عرضية أيضا.
والكلام في كون المحل محلا لها : كالكلام فى الأول ؛ وهو تسلسل ممتنع.
والجواب : عن الأول : / منع انقلاب الممتنع جائزا ، إذ الممتنع إنما هو الوجود الأزلى ؛ ولم يزل ممتنعا ، والجائز إنما هو الوجود الحادث ؛ ولم يزل جائزا.
وإن سلمنا انقلاب الممتنع جائزا ؛ فلا نسلم أن الإمكان وصف عدمى.
قوله : لو كان أمرا وجوديا : وكان ممكنا ؛ لكان ممكنا بإمكان.
قلنا : بإمكان هو نفسه ، أو بإمكان زائد عليه.
الأول : مسلم والثانى : ممنوع ؛ وعلى هذا : فلا تسلسل.
__________________
(١) ساقط من (أ).