وبتقدير التسليم لذلك ؛ فلا نسلم أنه لا طريق إلى عدم الجواهر إلا بالفناء ؛ على ما عرف من أصلنا.
كيف : وأن القول بأنه لا طريق إلى عدم الجواهر إلا بوجود ضدها ؛ باطل بما أسلفناه فى استحالة بقاء الأعراض (١).
وإن سلمنا : إمكان عدم الجواهر بالفناء. ولكن (١١) / / لا يخلوا : إما أن يكون واحدا كما قاله : أبو هاشم وعبد الجبار ، أو متعددا : كما قاله الجبائى.
فإن كان الأول : فما المانع من عدم بعض الجواهر به دون البعض.
فلأن قالوا : لأن الفناء إذا كان قائما لا فى محل ، فنسبته إلى جميع الجواهر نسبة واحدة
فإذا اقتضى ذلك عدم البعض منها ، اقتضى عدم الباقى ؛ ضرورة الاستواء فى النسبة ، وعدم الأولوية.
قلنا : فيلزم أن تقولوا : بأن الإرادة الثانية عندكم لا فى محل يجب أن يكون كل موجود مرادا بها ؛ ضرورة تساوى نسبتها إلى كل موجود ، ومع ذلك قلتم : إنها على صفة توجب اختصاص حكمها بالقديم تعالى دون غيره.
وكل ما يذكرونه فى وجوب الاختصاص بالقديم ـ تعالى ـ فقد أبطلناه فى الصفات (٢).
وإن كان الثانى : وهو مذهب الجبائى : فكل واحد من آحاد الفناء إذا كان قائما لا فى محل ؛ فنسبته إلى جميع الجواهر نسبة واحدة.
وعند ذلك فليس القول :
بجعل كل واحد منها فناء لبعض الجواهر بعينه ، أولى من غيره.
__________________
(١) راجع ما سبق فى الأصل الثانى ـ الفرع الرابع : فى تجدد الأعراض واستحالة بقائها ل ٤٤ / ب وما بعدها.
(١١)/ / أول ل ٥٦ / أمن النسخة ب.
(٢) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ النوع الثانى المسألة الأولى : فى إثبات الصفات ل ٥٤ / ب وما بعدها.