فإن جزء دائرة الطوق فى حركته يخطف البصر بخلاف الجزء من دائرة القطب / وإن كان السبب المحرك لهما واحدا.
وأما قول الجبائى : إن أقل ما يتركب منه الجسم ثمانية أجزاء تفريعا على القول بأن الجسم هو الطويل ، العريض ، العميق ؛ فمردود بقول أبى الهذيل.
وقول أبى الهذيل أيضا مردود بإمكان وجود الطويل ، العريض ، العميق من أربعة أجزاء ثلاثة وواحد على ملتقاها ؛ وهذا هو المسمى بالمكعب.
وأما أصحابنا فإنهم قالوا : جريا على ما حققناه من الوضع اللغوى فى اطلاق [اسم الجسم] (١). الجسم هو المؤلف ، ثم اختلفوا : [فمنهم من قال أصل الأجسام ما تألف من جوهرين] (٢).
ومنهم من قال (٣) : إذا تألّف جوهران فهما جسمان ؛ لأنّ كلّ واحد منهما قام به تأليف مع الآخر ، غير تأليف الآخر معه ؛ إذ التأليف عرض ، والعرض الواحد لا يقوم بمحلين ؛ فيكون كل واحد منهما مؤلّفا ؛ إذ المؤلف ما قام به التأليف.
وإذا كان مؤلفا كان كل واحد منهما جسما ، نظرا إلى أن الجسم هو المؤتلف كما تحقق قبل.
وهذا هو اختيار القاضى وجماعة المحققين من أصحابنا ؛ وهو الحق نظرا إلى الأصل الممهد من قبل.
وبالجملة : فالنزاع فى إطلاق اسم الجسم على المعانى السابق ذكرها والاختلاف فيها ؛ راجع إلى النزاع فى التسمية. والأولى منها ما كان موافقا للوضع اللغوى.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) القائل هو : القاضى الباقلانى انظر التمهيد ص ٤١.