مسجدا طاهرا لا يسكنه إلا أنا وعلي وأبناء علي» (١) وقد رأيت المشابهة بين علي وهارون في هذا الخبر وفضله السكنى له دون البشر ، وقد رواه بطرقه ، وميلنا إلى الاختصار إلا أنه قال في بعض أحاديثه : «فمن ساءه فهاهنا» (٢) وأومأ بيده نحو الشام ، يريد أن من كره ذلك فليبصر إلى إشارة إلى عظيم الإنكار تفضيل الله له ، وقد أدخله حيث دخل وأدخله حيث دخل ، وباهل به إذ باهل ، وقرنه بنفسه في المؤاخاة ، وهذا دليل على القطع على الباطل وصلاح المغيب ، فمن أولى منه بالأمر لو لا العصبية والحمية ودفع الآية الجليلة.
وقد ذكر الثعلبي حديث وفد نجران في قصة المباهلة ، وذكر الحديث بطوله وأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج محتضنا للحسين وآخذا بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وعلي خلفهما وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا. فقال اسقف نجران : يا معشر النصارى إني أرى وجوها لو سأل الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا ولا يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا : يا أبا القاسم قد رأينا أنا لا نلاعنك ونثبت على ديننا وأنت على دينك وأعطوه الصلح في كل عام ألفي حلة نصف في رجب ونصف في صفر ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران لو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر» (٣).
ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا فقال الله تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ
__________________
(١) المصدر السابق ص ١٧٧ رقم (٢٧٤) ، وهو في مناقب ابن المغازلي ص ٢٥٢.
(٢) المصدر السابق ص ١٧٧ ـ ١٨٥ بأرقام (٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٠ ، ٢٨١) ، وانظر مناقب ابن المغازلي ص ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ٢٥٩.
(٣) المصدر السابق ص ١٨٩ ـ ١٩٠ رقم (٢٩٠) ، وقال : هو في غاية المرام ، نقلا عن الثعلبي في تفسيره.