يترتب عليه المحذور المتقدم أم لا؟
وقد أجاب المحقق النائيني (١) عن الإشكال بما حاصله : ان الأحكام وان كانت تابعة للمصالح أو المفاسد في متعلقاتها إلّا انّ نسبة تلك المصالح إلى الواجبات ليست نسبة المسببات إلى أسبابها ، والمعلولات إلى عللها التامّة لتكون مقدورة للمكلف ولو مع الواسطة ، بل نسبتها إليها نسبة المعاليل إلى عللها المعدّة ، بداهة عدم ترتب الانتهاء عن الفحشاء على مجرد الصلاة ، بل تتوسط في ذلك إرادة الغير ، نظير زرع الحنطة وصيرورتها سنبلا ، فانه يتوسط بينه وبين فعل الزارع أمور خارجة عن اختيار الزارع ، ومن ثم يقبح تكليف الزارع بذلك واستشهد على ذلك بظواهر أدلة الواجبات وتعلق الأمر فيها بالافعال دون المصالح المترتبة عليها مع انها لو كانت مقدورة لكان تعلق الأمر بها ابتداء أولى. وعليه فلا يمكن تعلق الإيجاب بالمصالح لتكون الأفعال الخارجية واجبة لواجبات أخر.
ثم انه أنقض على تعريف المشهور بالواجبات التهيئية المعبر عنها بالواجب للغير ، كالغسل الواجب على الجنب ، والحائض في الليل لمن يجب عليه صوم غده فانها واجبة لواجب آخر.
هذا ونقول : ما ذكره من الجواب ومن النقض كلاهما غير تام.
اما جوابه : فلأنه انما يتم لو كان الداعي على الإيجاب هو الغرض الأقصى ، وليس كذلك ، بل الداعي لذلك ليس إلّا الغرض الأدنى الّذي يترتب على الفعل لا محالة وهو الاعداد والتهيؤ لترتب المصلحة القصوى ، ونسبته إلى العمل نسبة المسبب إلى سببه ، والمعلول إلى علته التامة فيكون مقدورا للمكلف بالواسطة ، فيعود المحذور.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ١٦٧.