______________________________________________________
ذلك بطلان الشروط عامة إلا النادر منها ، وهو كما ترى.
ودعوى : أن أغلب المباحات والمستحبات والمكروهات بل جميعها انما دل دليلها على حكمها بالنظر إلى الذات ومن حيث نفسها ومجرداً عن ملاحظة عنوان آخر طارئ عليه ، بخلاف أغلب المحرمات والواجبات ، فان دليل الحكم بالمنع عن الفعل أو الترك مطلق لا مقيد بحيثية تجرد الموضوع. ممنوعة ، لورود أدلة الطرفين على نهج واحد ، إما مطلقة من حيث العناوين الثانوية أو مهملة. بل ربما وردت في سياق واحد ، مثل قوله تعالى : ( يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ ) (١) وقوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) (٢) فالتفكيك بينهما بحمل : ( أَحَلَّ ) على النظر إلى الذات دون العناوين الثانوية ، و ( حَرَّمَ ) بالنظر الى العناوين الثانوية ، بلا فارق.
وكيف كان فالتحقيق : أن الشرط المخالف للكتاب هو المخالف للحكم الاقتضائي ، ومنه الشرط في المقام حسب الارتكاز العرفي ، فإن كون الحكم اقتضائياً أو غير اقتضائي لما لم يكن طريق اليه شرعاً تعين الرجوع الى المرتكزات العقلائية ، إذ لو لا ذلك كان البيان المذكور خالياً عن الفائدة ، إذ لا طريق الى تشخيص الموضوع سواه. وبالجملة : مقتضى الإطلاق المقامي الرجوع الى المرتكزات ، كما أن مقتضاه الرجوع إليها في تشخيص مفاهيم موضوعات الأحكام الشرعية. نعم إذا توقف العرف في تشخيص الحكم الاقتضائي واللااقتضائي تعين الرجوع الى الأصل ، وهو أصل عدم كون الشرط مخالفاً ، بناء على جريان الأصل في العدم الأزلي بنحو مفاد ليس الناقصة ، كما هو الظاهر. وتحقيق ذلك في مبحث الشروط
__________________
(١) الأعراف : ١٥٧.
(٢) البقرة : ٢٧٥.