بطلان مذهب من قال إن الطفل يعذب بكفر أبويه لأن الله تعالى بين وجه العدل في هذا وقياس العدل في الطفل ذلك القياس فمن هناك دل على الحكمة فيه وفيها أيضا دلالة على بطلان قول من يقول إن الوارث إذا لم يقض دين الميت إنه يؤاخذ في قبره أو في الآخرة لما قلنا من أنه دل على أن العبد لا يؤاخذ بجرم غيره وكذلك لو قضى عنه الوارث من غير أن يوصي به الميت لم يزل عقابه بقضاء الوارث عنه إلا أن يتفضل الله بإسقاطه عنه.
قوله سبحانه :
(وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) يعني إن قاتلها مسئول عن قتله لها بأي ذنب قتلها كما يقال سألت حقي أي طلبت به قال الله تعالى (أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) ويمكن أن يتوجه السؤال إليها على وجه التوبيخ لقاتلها كقوله (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) على طريق التوبيخ لقومه والخطاب وإن توجه إليها فالغرض في الحقيقة غيرها ثم إن الأخبار متظاهرة والأمة متفقة على أنهم في الآخرة يكونون عقلاء.
قوله سبحانه :
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) وقوله (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) قال الشيخ المفيد أما ما قدمه الإنسان فهو ما عمله في حياته مما لم يكن له أثر بعد وفاته وأما الذي أخره فهو ما سنه في حياته فاقتدى به بعد وفاته وهو مبين فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ص مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْخَبَرَ. وقال الطوسي (ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) وتركت مما يستحق به الجزاء وقيل (ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) من إحسان أو إساءة إذا قرأ كتابه وجوزي به.
قوله سبحانه :
(وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) وقوله (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) وقوله (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) ثم قال (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) العمى الأول أنما هو عن تأمل الآيات والنظر في الدلالات والعمى الثاني هو عن الإيمان في الآخرة بما يجازى به المكلفون فيها من ثواب أو عقاب وقالوا إنها متعلقة بما قبلها من قوله (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ) إلى قوله (تَفْضِيلاً). ثم قال بعد ذلك (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ