الإخلاص الديانة وهو التقرب إلى الله تعالى والتقرب إليه لا يصح إلا بالنية ولذلك قلنا إن الكافر لا يصح منه عبادة تفتقر إلى نية لأنه ليس من أهلها وعمل العبد لا يكون طاعة يستحق به الثواب إلا بالنية وقوله (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الآية تقديره اغسلوا وجوهكم وأيديكم للصلاة ولا يتصور غسلها للصلاة إلا بالنية وَلِذَلِكَ قَالَ ص إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَلَا قَوْلَ إِلَّا بِعَمَلٍ وَلَا قَوْلَ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِالنِّيَّةِ.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المعنى إما أن يكون افعلوا ذلك على وجه رجائكم الفلاح به وإما أن يكون افعلوه لكي تفلحوا وقوله (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) أخبر سبحانه عن باطنهم وما نووه بالطاعة إليه ومدحهم على ذلك ووعدهم الثواب عليه وقوله (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)
فصل
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) يقتضي مرة واحدة لأنه أمر مطلق والزيادة عليه موقوف فيه يدل على ذلك أنه يحسن فيه الاستفهام وقول الأمر افعل كذا أبدا وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ مَرَّةً مَرَّةً. وَفِي تَارِيخِ بَغْدَادَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكُمْ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ يَتَوَضَّأُ فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي خَبَرٍ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ص ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ص سَنَّ مَرَّةً أُخْرَى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ص تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. يقويه إجماع الإمامية وإثبات الزيادة يحتاج إلى دليل.
قوله سبحانه :
(فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ليس فيه أنه بيد واحدة أو بيدين ومن غسله باليد اليمنى على مذهب الشيعة خرج عن حكم الأمر ويسمى غاسلا والتكرار يحتاج إلى دليل يؤكده إجماع الإمامية وتدل الآية على أنه لا يجوز للمتمكن من الطهارة أن يتولاها غيره لأنه أمر بأن يكون غاسلا ماسحا والظاهر يقتضي تولي الفعل حتى يستحق التسمية و