فصل
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) علق الطلاق بما يتناوله اسم النساء والأبعاض من اليد والرجل لا يتناولها ذلك فيجب أن لا يقع.
قوله سبحانه :
(فَطَلِّقُوهُنَ) وقوله (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) وقوله (فَإِنْ طَلَّقَها) دالة على أن صحة الطلاق الشرعي بهذا اللفظ دون كناياته نحو أنت حرام أو خلية أو برية لأنه لا يقال لمن فعل ما فيه معنى الضرب ضارب والآيات أيضا دالة على أن تعليق الطلاق بالشروط غير مشروع لأنها عارية عن الشرط وكل من أثبته احتاج إلى دليل.
قوله سبحانه :
(وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) إلى قوله (بِإِحْسانٍ) رد على من قال إن الطلاق مثل اليمين ومن ادعى ذلك احتاج إلى بينة وقد أجمعنا أن النبي ص لم يفرق بين رجل وامرأة باليمين إلى قوله (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) وإن كان لليمين بالله كفارة واليمين بالطلاق لا كفارة له فذلك شنيع.
قوله سبحانه :
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ) يدل على أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع لأنه قال (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ثم ذكر الثالثة على الخلاف في أنها قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) أو قوله (فَإِنْ طَلَّقَها) ومن طلق بلفظ واحد فلا يكون أتى بالمرتين ولا بالثالثة كما بلفظ واحد لما وقع موقعه وأنه لما أوجب اللعان أربع شهادات فلو أتى أو رمى حصاة عن سبع حصيات لم يجزه والمسبح في الركوع أو السجود إذا سبح مرة وقال ثلاثا لا يكون مسبحا ثلاثا فكذلك الطلاق فإن قال عقيبه ثلاثا لم يخل إشارته إلى ماض أو استقبال أو الحال فلا يجوز الماضي لأنه إخبار عن أمر كان ولا يجوز المستقبل لأنه يجب أن لا يقع بها طلاق حتى يأتي الوقت ثم يطلقها ثلاثا على مفهوم اللفظ فلم يبق إلا الحالة وذلك لغو لأن المرة لا تكون مرتين والواحدة لا تكون ثلاثا وَالْمَشْهُورُ عَنِ النَّبِيِّ ص إِيَّاكُمْ وَالْمُطَلَّقَاتِ ثَلَاثاً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُنَّ ذَوَاتُ أَزْوَاجٍ. وَاشْتَهَرَ أَيْضاً عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً فَأَوْجَعَ رَأْسَهُ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ قَدْ طَلَّقَ كَالْأَوَّلِ فَأَبَانَهَا مِنْهُ فَقِيلَ لَهُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمَيْنِ فَقَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَحْمِلَهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ