لَكِنَّنِي خَشِيتُ أَنْ يَتَتَابَعَ فِيهِ الْغَيْرَانُ وَالسَّكْرَانُ.
قوله سبحانه :
(الطَّلاقُ مَرَّتانِ) إلى قوله (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) لا يدل على أن الكنايات في الطلاق جائزة لأنه متى حملناه على أن التسريح تطليقة ثالثة كان قوله طلقها بعد ذلك تكرارا لا فائدة فيه ثم إن قوله (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) معناه إذا طلقها فالتسريح بالإحسان الترك ينقضي عدتها وقوله (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ) يعني الرجعة بلا خلاف.
قوله سبحانه :
(فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) فسر على الطهر الذي لا جماع فيه وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى فِي مَسَانِيدِهِمْ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَةَ فِي سُنَنِهِمَا وَالثَّعْلَبِيُّ فِي الْكَشْفِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثاً وَهِيَ حَائِضٌ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ص أَنْ يُرَاجِعَهَا وَأَمَرَهُ إِنْ أَرَادَ طَلَاقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا لِلسُّنَّةِ. قال الفضل بن شاذان يحل للمرأة الحرة المسلمة أن يمكن من وطئها في اليوم الواحد خلقا كثيرا على سبيل النكاح عندهم ووجه إلزامه لهم أنه قال رجل تزوج بامرأة فوطئها ثم خلعها على مذهبكم في تلك الحال ثم بدا له العود فعقد عليها عقدة النكاح وسقط عنها عدة الخلع ثم إنه إن فارقها عقيب العقد الثاني من غير أن يدخل بها ثانية فبانت منه ولا عدة عليها بقوله (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) فحلت من وقتها للأزواج فما تقولون إن صنع بها الثاني كصنع الأول أليس قد نكحها اثنان في بعض يوم من غير حظر على أصولكم في الأحكام فكذلك لو نكحها ثالث ورابع ومائة وزيادة إلى آخر النهار.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) إلى قوله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) يدل على أنه يعتبر فيه شهادة عدلين لأنه تعالى أمر بالإشهاد وظاهر الأمر في عرف الشرع يقتضي الوجوب ولا يخلو قوله (وَأَشْهِدُوا) أن يكون راجعا إلى الفرقة أو إلى الرجعة أو إلى الطلاق ولا يجوز أن يرجع إلى الفرقة أو إلى الرجعة لأن أحدا لا يوجب فيهما الإشهاد فيثبت أنه راجع إلى الطلاق ولا يؤثر بعد ما بينهما كما قال (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) والتسبيح متأخر في اللفظ لا يليق إلا بالله تعالى دون رسوله ص.