أحد وثمانين يوما فلا بد أن يكون ذلك أمرا عظيما من على المسلمين به وتمم دينهم ببيانه ومعلوم أنه تعالى قد شرع جميع الشرائع قبل ذلك فلم يبق إلا أنه أمره أن ينص على علي ع بالإمامة كما قالت الشيعة وبطل قول المشركين إنه أبتر لا يقوم مقامه بعده أحد إذ لا ولد له فبين لنا أنهم يئسوا من ذلك حيث نص عليه وتم به الدين.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالنَّقَّاشُ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْوَاحِدِيُّ وَابْنُ جُرَيْحٍ وَالثَّوْرِيُّ وَعَطَا وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْمَرْزُبَانِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ الثَّقَفِيُّ وَابْنُ عُقْدَةَ وَغَيْرُهُمْ فِي رِوَايَاتٍ مُتَّفِقَاتِ الْمَعَانِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَوَاهُ أَكْثَرُ النَّاقِلِينَ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ وَابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخَرْكُوشِيُّ وَأَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَانِيُّ مِمَّا يَطُولُ بِذِكْرِهِ الْكِتَابُ وَيُؤَيِّدُهُ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْبَيْتِ ع فَقَوْلُهُ ص عِنْدَ ذَلِكَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ وَقَدْ جَمَعَ الْأُمَّةَ لِإِسْمَاعِ الْخِطَابِ أَلَسْتُ أَوْلَى مِنْكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ فَقَالُوا اللهُمَّ بَلَى فَقَالَ لَهُمْ عَلَى النَّسَقِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ. وَأَنْشَدَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
يُنَادِيهِمُ يَوْمَ الْغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ |
|
بِخُمٍّ وَأَسْمِعْ بِالنَّبِيِّ مُنَادِيَا |
يَقُولُ فَمَنْ مَوْلَيكُمُ وَوَلِيُّكُمْ |
|
فَقَالُوا وَلَمْ يَبْدُوا هُنَاكَ التَّعَادِيَا |
إِلَهُكَ مَوْلَانَا وَأَنْتَ وَلِيُّنَا |
|
وَلَنْ تَجِدَنْ مِنَّا لَكَ الْيَوْمَ عَاصِيَا |
فَقَالَ لَهُ قُمْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّنِي |
|
رَضِيتُكَ مِنْ بَعْدِي إِمَاماً وَهَادِيَا |
هُنَاكَ دَعَا اللهُمَّ وَالِ وَلِيَّهُ |
|
وَكُنْ لِلَّذِي عَادَى عَلِيّاً مُعَادِيَا. |
فأوجب له من فرض الطاعة والولاية ما كان عليهم مما قدرهم به من ذلك فلم يناكروه.
قوله سبحانه :
(أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ ص عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ جَمَعَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً فِيهَا لِلْإِنْذَارِ وَقَالَ مَنْ يُوَازِرُنِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ