(لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) الظلل من تحتهم ظلل لمن تحتهم فهذه هي بساط لهم وهي لمن تحتهم ظلل وهلم جرا حتى ينتهوا إلى القعر.
قوله سبحانه :
(وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) والمعنى وما وقوع الساعة إلا كلمح البصر في سرعته في حال وقوعه ويكون (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) أراد يطويه عنا كقولك أكلت رطبة أو تمرة وأنت تعلم ما أكلت ولكن طويت ذلك عن السامع.
قوله سبحانه :
(إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها) وقوله (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) إذا أخرج يده رائيا لها وناظرا إليها لم يكد أي لم يقرب كقولك ما فعلت وما كدت أي لم اقترب ويجوز (لَمْ يَكَدْ يَراها) أي لم يرها ويكون يكد على ما يذكر في (أَكادُ أُخْفِيها) وما أكاد أخفيها أي أريد أخفيها قال حسان :
وتكاد تكسل أن تجيء فراشها |
|
في جسم خرعبة وحسن قوام |
وقال أبو النجم :
وإن أتاك نعي فاندبن أبا |
|
قد كاد يصطلح الأعداء والخطباء |
ويقال (أَكادُ أُخْفِيها) أي آتي بها قال صابي :
هممت ولم أفعل وكدت وليتني |
|
تركت على عثمان تبكي حلائله |
ويقال (أَكادُ أُخْفِيها) أظهرها يقال خفا البرق ظهر قال إمرؤ القيس :
فإن تدفنوا الداء لا تخفه |
|
وإن تبعثوا الحرب لا يقعد |
فصل
قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) أصل الشفاعة من الشفع الذي هو ضد الوتر فإن الرجل إذا شفع لصاحبه فقد شفعه أي صار ثانية ومنه الشفيع في الملك لأنه يضم ملك غيره إلى ملك نفسه وقالت المعتزلة ومن تابعهم الشفاعة مقتضاها زيادة المنافع والدرجات كما قال الحطية :
وذاك إمرؤ إن تأته في صنيعة |
|
إلى ماله لم تأته بشفيع |
وقالت الإمامية مقتضاها إسقاط المضار كما قال المبرد :
تعلم أن مالك إن تصب نفدك |
|
وإن تحبس نذرك ونشفع |