دفعها النبي ص إلى الأول ليبلغها ثم أخذها ودفعها إلى علي فبلغها فمن لم يؤد عنه في حياته عشر آيات كيف يؤدي عنه بعد موته الشريعة كلها وقد عزله رسول الله عن أدائها وعن الراية يوم خيبر وعن سكنى المسجد وعن الجيش الذي نزل فيه سورة والعاديات وعن الصلاة يوم تقدم بأمر بلال عن عائشة فصار منسوخا فقد ثبت لعلي ع في هذا المقام ست خصال وثبت عليه ست خصال فعلي هو الناسخ وهو المنسوخ وعلي العازل وهو المعزول وعلي المثبت للحق وهو النافي له وعلي المؤدي عن النبي حكما وخبرا وهو الذي لا يصح أن يؤدى عنه وعلي المنزه عن موقف الجهل بالموسم والوقوف بالمزدلفة ومن حج في ذي الحجة وختم به حج الجاهلية وهو غير ذلك وعلي من النبي وهو ليس منه فمن نفاه الله عن محمد ص في وحيه أنه لا يؤدي إلا أنت أو رجل منك لا يصلح للإمامة.
قوله سبحانه :
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ) الآية فهو إخبار عن العدد وما في ذلك من فضل لأننا نعلم ضرورة أن نبيا وذميا أو مؤمنا ومؤمنا أو مؤمنا وكافرا اثنان على أن القائل إذا قال فلان ثاني فلان مطلقا يفيد تقارب المنزلة وفي الآية أنه ثانية في المكان فلا يفيد إلا العدد وأما قوله (إِذْ هُما فِي الْغارِ) فاجتماعهما في المكان كالأول لأن المكان يجمع المؤمن والكافر ومكة والمدينة أشرف البقاع وقد جمعا المؤمنين والمنافقين والكافرين وأما قوله (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ) فاسم الصحبة يجمع المؤمن والكافر دليله (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) وقال للكفار (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) أضاف النبي إليهم بالصحبة والمضاف إليه أقوى حالا من المضاف وقال حاكيا عن يوسف (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً) ومعلوم أنهما كانا كافرين ثم إن اسم الصحبة يكون على الحيوان والجماد ويقع بين الإنسان والوحش وقوله (لا تَحْزَنْ) فهو نهي والنهي لا يكون في الحقيقة إلا للزجر عن القبيح ولا سبيل إلى صرفه بغير دليل ثم إن حزنه إما أن يكون طاعة أو معصية فإن كان طاعة فإن النبي ص لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها وإن كان معصية فقد نهاه النبي ص عنها وقد شهدت الآية بذلك وقوله (إِنَّ اللهَ مَعَنا) فإن النبي ص أخبر أن الله معه وعبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله (إِنَّا نَحْنُ