قبيح وذلك لا يجوز عليه تعالى وإذا وجبت عصمته ثبت إمامته
فصل
قال الشيخ المفيد استدل أكثر أصحابنا على أن أمير المؤمنين أفضل من كافة البشر سوى النبي ص من ثلاثة أوجه بكثرة الثواب وظواهر الأعمال والمنافع الدينية بالأعمال فالأول مثل قوله ص أنا سيد البشر وقوله أنا سيد ولد آدم ولا فخر وإذا ثبت أنه أفضل البشر وجب أن يليه أمير المؤمنين في الفضل بدلالة المحكوم له بأنه نفسه في آية المباهلة بالإجماع وقد علم أنه لم يرد بالنفس ما به قوام الجسد من الدم السائل والهواء ونحوه ولم يرد نفس ذاته إذ كان لا يصح دعاء الإنسان نفسه ولا إلى غيره فلم يبق إلا أنه أراد المثل والعدل والتساوي في كل حال إلا ما أخرجه الدليل ومن ذلك أنه جعله في أحكام حبه وبغضه وحروبه سواء مع نفسه بلا فصل وقد علم أنه لم يضع الحكم في ذلك للمحاباة بل وضعه على الاستحقاق فوجب أن يكون مساويا له في الأحكام كلها إلا ما أخرجه الدليل ومن ذلك ثبوت المحبة له بالإجماع في حديث الطير والراية والوفاة كما تقدم ترتيبه ومن ذلك اشتهار الأخبار في درجاته يوم القيامة وقد ثبت أن القيامة محل الجزاء وأن الترتيب فيها بحسب الأعمال وإذا كان مضمون هذه الأخبار يفيد تقدم أمير المؤمنين كافة الخلق سوى رسول الله في كرامته الثواب دل ذلك على أنه أفضل من سائرهم في الأعمال وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلِيٌّ خَيْرُ الْبَشَرِ وَسَيِّدُ الْبَشَرِ وَخَيْرُ الْخَلْقِ. ونحو ذلك وأما ظواهر الأعمال فإنه لا يوجد في الإسلام لبشر ما يوجد لعلي وإذا كان الإسلام أفضل الأديان لأنه أعم مصلحة للعباد كان العمل في تأديبه وشرائعه أفضل الأعمال مع الإجماع على أن شريعة الإسلام أفضل الشرائع والعمل بها أفضل الأعمال يؤكد ذلك قوله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) وأما المنافع الدينية بالأعمال هو أن النفع بالإسلام الذي جاء به النبي ص إذا كان إنما وصل إلى هذه الأمة بأمير المؤمنين ثبت له الفضل الذي وجب للنبي ص من جهة ربه على قواعد المعتزلة في القضاء بالفضائل من جهة النفع العام وتفاضل الخلق فيه بحسب كثرة القائمين للدين والمنتفعين بذلك من الأنام. وسئل الشيخ المفيد القرآن أفضل أم محمد وعلي فقال محمد وعلي لقوله (وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ) وقوله (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) اصطفاهم لأداء شرعه إلى عباده وحفظه عليهم ودعائهم إليه وإيضاح معانيه لهم فأدوا ما وجب عليهم