قوله سبحانه :
(أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) على وجه التعجب ثم أخبر في مواضع بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون وأن على أسماعهم وأبصارهم غشاوة قال أبو مسلم معنى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) ما أسمعهم وما أبصرهم وهذا على المبالغة في الوصف يقول فهم يومئذ يأتوننا أي يوم القيامة سمعاء بصراء أي عالمين وهم اليوم في دار الدنيا في ضلال مبين أي جهل واضح وقال الحسن هم يوم القيامة سمعاء بصراء لكن الظالمون اليوم في الدنيا ليسوا سمعاء ولا بصراء ولكنهم في ضلال عن الدين مبين.
قوله سبحانه :
(لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) وقوله (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) لا تناقض بينهما لأن الغسلين اسم لذلك والضريع وصف له وضريع بمعنى مضرع أي يضرع وقد فسره بقوله (لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) ويقال ليس لهم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين يريد الشراب ثم يقول ولا طعام لم يشبعه ولم ينفعه
فصل
قوله تعالى : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) ثم قال (يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) قال (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) لا تناقض في ذلك لأنه أخبر أن يوما عنده كألف سنة ولم يرد أن يوما عنده خمسين ألف سنة إنما أخبر عن يوم القيامة أنه خمسون ألف سنة لقوله (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) ثم وصفه بقوله ذلك اليوم فقال (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) وقد قيل يعني إن جبرئيل والملائكة يعرجون في يوم واحد ما يكون مقدار عروجهم خمسين ألف سنة وقال ابن عباس والضحاك معناه يوم كان مقداره لو سار غير الملك ألف سنة مما يعده البشر وقيل يجوز أن يكون يوم القيامة يوما له أول وليس له آخر وفيه أوقات يسمى بعضها ألف سنة وبعضها خمسون ألف سنة.
قوله سبحانه :
(وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي إن لهم رزقهم فيها مقداره بكرة