من ذلك واستحقوا عليه عظيم الأجر ورفيع المكان هذا مع أن الفضل أنما هو بالأعمال بعد الاختيار والقرآن فلا عمل له وإنما هو عمل وصنع وآية لله ولرسوله وصاحب الآية أعظم قدرا منها والمبين عن الشيء أفضل منه والهادي إليه أجل منه والسبب في العمل أعظم من المعمول به والقرآن وإن كان كلام الله تعالى فرسول الله صفيه وعلي وليه والقرآن ليس بعابد ولا مطيع وهما لله عابدان وفي طاعته مخلصان والتفاضل أنما يكون بالأعمال وقول القائل إن الكلام أفضل من المتكلم لغو وَقَدْ رُوِيَ أَنِّي مُخْلِفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. وهما يترجمان عن الكتاب والمترجم أفضل من الترجمة ومن مات ولم يحفظ من القرآن إلا ما يصلي به لم يكن عليه تبعة في دينه ويدخل الجنة ومن مات بغير معرفتها مات ميتة جاهلية وكان مخلدا في النار
فصل
قوله تعالى : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) هذه الآية تدل على أن الحسن والحسين ع في وقت المباهلة كانا بالغين مكلفين لأن البلوغ وكمال العقل لا يفتقر إلى شيء مخصوص ولذلك تكلم عيسى في المهد بما دل على كونه مكلفا عاقلا وقال في يحيى (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) وقال أصحابنا إنهما كانا أفضل الصحابة بعد أبيهما وجدهما ع لأن كثرة الثواب ليس بموقوف على كثرة الأفعال فصغر سنهما لا يمنع من أن يكون معرفتهما وطاعتهما لله تعالى وإقرارهما بالنبي ص وقع على وجه يستحق به الثواب ما يزيد على ثواب من عاصرهما سوى جدهما وأبيهما وإنما خصهم النبي ص بالمباهلة ليبين منزلتهم وإنه ليس في أمته من يساويهم في الفضل وليكون حجة على مخالفيه ويؤثر لعنهم مثل لعن النبي ص ولكونهم معصومين وليعلم أن التغيير والتبديل لا يجوز عليهم وليعلم أن الإمامة لا تخرج عنهم وليعلم أنه أجراهم مجرى نفسه وليعلم أنهم عنده أعز وشفقته عليهم أكثر.
قوله سبحانه :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) فقد ألحقهما الله وذريتهما برسول الله وشهد بذلك كتابه فوجب لهم الطاعة بحق الإمامة