قوله (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) والحساب بمعنى الكفاية والمكافأة قوله (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) شاعر : وفي الناس حر إن تأملت محسب معناه كاف وقيل يعني في العدل من غير حاجة إلى حط ولا عقد لأنه عالم به وإنما يحاسب العبد بظاهره في العدل والإحالة على ما يوجبه الفعل من خير أو شر وقيل أي لا يشغله محاسبة بعض عن محاسبة آخرين وقيل أي يحاسب الخلق جميعا في أوقات يسيرة ويقال إن مقدار ذلك حلب شاة وهذا دليل على أنه لا يتكلم بآلة وأنه ليس بجسم وَسُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع كَيْفَ يُحَاسِبُ اللهُ الْخَلْقَ عَلَى كَثْرَتِهِمْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ كَمَا يَرْزُقُهُمْ عَلَى كَثْرَتِهِمْ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. ويقال المراد بالآية أنه سريع العلم بكل محسوب وأنه لما كانت عادة بني الدنيا أن يستعملوا الحساب والإحصاء في أكثر أمورهم أعلمهم الله تعالى أنه يعلم ما يحسبون بغير حساب وإنما سمي هذا العلم حسابا لأن الحساب إنما يراد به العلم وقال المرتضى المراد بالحساب محاسبة الخلق على أعمالهم يوم القيامة ومواقفهم عليها ويكون الفائدة بسرعته الإخبار عن قرب الساعة.
قوله سبحانه :
(فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) المحاسبة المفاعلة وهو تقرير من الله تعالى للعبد بذنوبه وإقرار العبد بها ويجاب عن ذلك أن للعبد حقوقا عند ربه من ثواب وعوض كما له عليه حقوق فيصح ذلك ويجيء فاعل بمعنى فعل يقال طارقت النعل وليس محاسبة القديم تعالى مع العباد كمحاسبة بعضهم بعضا بل بأن يخلق في بعض أعضاء الواحد منا ما يتضمن ما له وما عليه ويكون محاسبته مع الكل كمحاسبته مع الواحد كما قال (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ).
قوله سبحانه :
(وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) قال الجبائي معناه أخذه به على وجه التقريع وقال النخعي هو مؤاخذة العبد بذنبه لا يغفر له شيء منه والحساب أحصى ما على العبد.
قوله سبحانه :
(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) الوجه في جعل كتاب الفجار في سجين أن تخليده فيه يقوم مقام إدامة التقريع وأن عقابهم لا يفنى ولا يبيد كما لا يفنى كتاب سيئاتهم ولا يبيد.
قوله سبحانه :
(كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ. وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) لأن