يَكُونُ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَزِيرِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَيْنِ جَمَاعَتِهِمْ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ يَوْمَئِذٍ سِنّاً فَقَالَ أَنَا أُوَازِرُكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ص اجْلِسْ فَأَنْتَ أَخِي وَوَصِيِّي وَوَزِيرِي وَوَارِثِي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. وهذا صريح القول في الاستخلاف في الآية دلالة على أنه تعالى أمره بدعاء أهل بيته وعترته وقصر ذلك عليهم قبل الناس فكان لعلي ثلاث دعوات دعوة أهل البيت الذين كانوا في بيت خديجة واجتمع العلماء على أن الإسلام لم يخرج من بيت خديجة حتى أسلم كل من فيه ودعوة بني هاشم ودعوة العامة.
قوله سبحانه :
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً. قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) وقوله (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) فثبت له خلافته بمحكم التنزيل ثم إنه قَدِ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ ص لِعَلِيٍ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. فأوجب له الوزارة والخلافة والأخوة والشركة في الأمر وشد الأزر بالنصرة والفضل والمحبة وكل ما تقتضيه الآية ثم الخلافة في الحياة بالصريح بعد النبوة بتخصيص الاستثناء لما خرج منها بذكر العبد على أنه لا يخلو الكلام فيه من ثلاثة معان إما أن يكون نبيا مثل هارون أو أخوه لأبيه وأمه أو خليفته في أمته إذ لم يجد له من موسى إلا هذه المنازل فلما بطلت منزلة النبوة والأخوة لأب وأم ثبتت له المنزلة الثالثة وهي أنه خليفته كما قال (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) وكل كلام جاء على وجه واثنين وثلاثة فسد منها خلة وخلتان ثبتت الثالثة.
قوله سبحانه :
(وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) فيدل على صحة الإجماع والأمة مجمعة على أن النبي ص استخلف عليا بالمدينة عند خروجه إلى تبوك ولم يثبت بعد ذلك عزله واجتمعت الأمة على أنه ما كان للنبي خليفتان أحدهما في المدينة والآخر في بقية الأمة فيجب أن يكون هو الإمام بعده لثبوت ولايته على المدينة إلى بعد وفاته وحصول الإجماع على أنه ليس له إلا خليفة واحدة
فصل
قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) تفسير ابن