فيه لغيرهم وقيل (هُدىً لِلنَّاسِ) إخبار عن كونه هدى للجميع و (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) إبانة عن الوجه الذي به بالقرآن كقول المؤلفين هذا كتاب نافع للمتعلمين فإنه نافع للكل وقول الطبيب هذا دواء نافع لمن شربه.
قوله سبحانه :
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) وروي عن النبي أنه قال عند نزول هذه الآية لأزيدن على السبعين لا يدل على صحة دليل الخطاب لأنه من أخبار الآحاد وإنه يتضمن أنه ص يستغفر للكفار وذلك لا يجوز ولنا أن نقول إن الاستغفار لهم كان في الأصل مباحا فلما ورد النص بحظر السبعين بقي ما زاد عليه على الأصل وقد روي أنه قال لو علمت أني زدت على السبعين يغفر الله لهم لفعلت وهذا كلام فصيح لا شبهة عليه.
قوله سبحانه :
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) إنما يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينضم إليه آخر فانضمام الثاني إلى الأول شرط في القبول ثم يعلم أن من ضم امرأتين إلى الشاهد الأول يقوم مقام الثاني ثم يعلم أن ضم اليمين إلى الواحد يقوم مقام الثاني فثبت أن الحكم إذا علق بغاية أو عدد فإنه لا يدل على أن ما عداه بخلافه بل عرف بدليل آخر.
قوله سبحانه :
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) وقوله (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) وقوله (حَتَّى يَطْهُرْنَ) فهذه تعليق الحكم بغاية ويدل على ثبوته إلى تلك الغاية وما بعدها إنما يعلم إثباته وانتفاؤه بدليل آخر.
قوله سبحانه :
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) من استدل بهما قال إن غير الماء لا يطهر وهو يتعلق بالاسم لا بالصفة الجواب أن مطلق الماء يخالف مضافه والدلالة على أن الصفة كالاسم في الحكم أن الغرض في وضع الأسماء في أصل اللغة هو للتمييز والتعريف