طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله لجاز أن تختار أيضا رجلا فيكون نبيا ولا يخلو الاختيار من أن يكون إلى كل الأمة أو إلى بعضها فإن كان الأول لم يجز أن يقام الإمام إلا بعد اجتماع الخلق عليهم ويمضي الدهور على ذلك قبل أن يقوم الإمام وإن كان إلى بعضها فيجب إلى أبعاض الأمة كلها إذا اتصل بها موت الإمام أن ينتدبوا إلى نصب الأئمة فيقيم كل بعض إماما ولو كان الاختيار إلى بعض الأمة وهم العلماء على زعمهم كان يجب أن يختاروا باطنه وظاهره فوجب أن لا يختار كل واحد من العلماء إلا نفسه لأنه عالم بظاهرها وباطنها وإذا وجب أن يختار كل واحد نفسه فسد الاختيار لأنه يجب أن يكون أئمة كثيرة في وقت واحد ولا يكون إماما بتة.
قوله سبحانه :
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) المهاجرون الأولون هم الذين كانوا مع النبي ص في شعب عبد المطلب بمكة وقد اجتمعت الأمة أنهم كانوا بني هاشم فقط وأما الأنصار فهم السبعون العقبيون بإجماع المحدثين والسبق هاهنا إن كان إظهار الإسلام فلا بد أن يكون مشروطا بالإخلاص في الباطن لأن الله تعالى لا يعد بالرضا من أظهر الإسلام ولم يبطنه فيجب أن يكون الباطن معتبرا ومدلولا عليه فمن يدعي دخوله تحت الآية حتى يتناوله الوعد بالرضا والوجه الثاني يؤدي أن يكون جميع المسلمين سابقين إلا الواحد الذي لم يكن بعده إسلام أحد فلم يبق إلا الوجه الأول ولهذا أكده بقوله (الْأَوَّلُونَ) لأن من كان قبله غيره لا يكون أولا بالإطلاق ومن هذه صفته بلا خلاف فهو علي وحمزة وجعفر وخباب وزيد وعمار وسعد بن معاذ وأبو الهيثم وخزيمة فأما الأول ففي تقدم إسلامه خلاف كثير ثم إن من روى ذلك أبو هريرة وكان من الخاذلين وقد ضربه عمر بالدرة لكثرة روايته وقال إنه كذوب وإبراهيم النخعي وهو ناصبي جدا تخلف عن الحسين وخرج مع ابن الأشعث في جيش ابن زياد وكان يقول لا خير إلا في النبيذ الصلب وحسان بن ثابت وهو شاعر وعناده لعلي ظاهر.
قوله سبحانه :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) إلى قوله (تَشْعُرُونَ) تدل على فساد قول من قال إن النبي ص صلى خلف أحد