إذا قصد حاجة فلم يقض له ينجح فيها رجع فدخل من مؤخر البيت ولم يدخل من بابه تطيرا وكان أهل الوبر إذا أحرموا في غير الأشهر الحرم لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها ودخلوها من ظهورها وأهل المدر نقبوا في بيوتهم ما يدخلون ويخرجون منه وقال أبو عبيدة ليس البر بأن تطلبوا الخير من غير أهله واطلبوه من وجهه الجبائي أمر بإتيان الأمور من وجوهها وإن العادل في الأمر عن وجهه كالعادل في البيت عن بابه البيوت كناية عن النساء والمعنى وائتوا النساء (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ) قال الشاعر :
لا أدخل البيت أحبو من مؤخره |
|
ولا أكسر في ابن العم أظفاري |
فصل
قوله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) معناه المبالغة في وصف الإنسان بكثرة العجلة وشدة الاستعجال كقولهم للنئوم ما خلقت إلا من نوم وللشرير ما خلق فلان إلا من شر وللأكول ما أنت إلا لأكل وشرب أبو عبيدة إن للكلام قلبا والمعنى خلق العجل من الإنسان كما قال (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) وقالوا عرضت الناقة على الحوض واستوى العود على الحرباء قال الشاعر : وهن من الأخلاف والولعان قال الحسن (مِنْ عَجَلٍ) أي ضعف وهي النطفة الضعيفة المهينة وقال الأخفش المراد أن الإنسان خلق من تعجيل الأمر لقوله (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وقال الخليل العجل الطين قال الشاعر :والنخل ينبت بين الماء والعجل قال المراد بالإنسان آدم ومن عجل أي في سرعة من خلقه لأنه لم يخلقه من نطفة ثم من علقة كما خلق غيره وقال مجاهد خلق الله آدم بعد كل شيء آخر نهار يوم الجمعة على سرعة معاجلا به غروب الشمس وروي أن آدم لما نفخت فيه الروح وبلغت أعالي جسده دون أسافله قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس ابن عباس والسدي لما خلق آدم وجعلت الروح في أكثر جسده وثب عجلا مبادرا إلى ثمار الجنة وقال قوم بل هم بالوثوب.
قوله سبحانه :
(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) استدل بعضهم بهذه الآية أن الإنسان غير هذه الجملة لأنه بين أنه يركب الخلق في أي صورة شاء وهذا فاسد لأن عنده أن ذلك الحي