فصل
قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) لفظة السابقين في الآية مطلق غير مضاف ويحتمل أن لا يكون مضافا إلى ظاهر الإسلام بل يكون المراد به السبق إلى الخيرات ويكون قوله (الْأَوَّلُونَ) تأكيدا لمعنى السبق كما يقولون فلان سابق في الفضل أول سابق كقوله (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) ثم إن طلحة والزبير كانا من السابقين فهذا الرضا لم يمنعهما من الفسق الموجب للخلود في النار عند المعتزلة وعندنا من الكفر فكيف يمنع الرجلان لم تكن العصبية وإذا ورد في القرآن مدح الجماعة وورد ذم لأخرى ولم يكن في أحد الأمرين تسمية ولا تصريح فالواجب التوقف فمن الظواهر الواردة بالذم قوله (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) الآية وقوله (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) وقوله (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) وقوله (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَ) وقوله (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) وقوله (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) وقوله (يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) وقوله (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) وقوله (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً) وقوله (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) وقوله (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ) ثم إن الآية خاصة غير عامة وقد بين خصوصها بقوله (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ) الآية وقد اجتمع العلماء على أن الإسلام لم يخرج من بيت خديجة حتى أسلم كل من فيه ثم إنه ص دعا غيرهم وهو الصحيح في المعقول لأن المرء يبدأ بأهل بيته قبل البعداء إذ من لم يقو على أهل بيته كان عن غيرهم أضعف فكان لعلي ع ثلاث دعوات دعوة أهل بيته ثم دعوة العشيرة قوله (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ثم دعوة العامة وصاحبكم إنما كان في الدعوة العامة.
قوله سبحانه :
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) قد ثبت أنه إنما أسلم بعد علي وخديجة وجعفر وزيد وأبي ذر وعمر بن عنبسة وخالد بن سعد إلى تمام خمسين رجلا ذكره الطبري بإسناده عن سعد بن أبي وقاص فهذه الآية تليق بهم ثم الصواب أن يكون لكل مصدق تقديم لقوله (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ثم إن المفسرين اختلفوا فقالوا المراد به النبي ص وقالوا هو علي بن أبي طالب.
قوله سبحانه :
(بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أجمع المفسرون ونقله الأخبار أنه لما نزل براءة