لأن حاله في ذلك لا يخلو إما أنه كان إماما أو مأموما أو مشاركا فإن كان إماما فقد عزل المتقدم عليه على التأبيد لأنه آخر أفعاله ص وإن كان مأموما فقد عصى الله من تقدم عليه ورفع صوته بين يديه وفيه نسخ النبوة وإن كان مشاركا فيكون سنة يعمل عليها بعده وقد صنف أبو عيسى الوراق فيه كتابا نحو مائتي ورقة في بطلان هذه المقالة.
قوله سبحانه :
(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) ٥ ٩٢ إنها عامة في كل من أعطى وصدق فحملها على التخصيص بلا دليل اقتراح لأن قائله لا يجد فرقا بينه وبين من خصصها بغير من ذكروه على أنهم رووا عن ابن عباس وأنس بن مالك أنها نزلت في أبي الدحداح وسمرة بن جندب وأن أبا الدحداح هو الذي (صَدَّقَ بِالْحُسْنى) وسمرة هو الذي (بَخِلَ وَاسْتَغْنى) وإذا تكافأت الروايتان بقيت الآية على عمومها ثم إن التفسير في هذا كله خلاف ما يدعونه لأنه أنذر جماعة المسلمين في قوله (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) إلى قوله (وَتَوَلَّى) ورغبهم في الخيرات قوله (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى).
قوله سبحانه :
(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ليس في الآية دلالة على فضله لأنه يحتاج أن يثبت له الإنفاق قبل الفتح وذلك غير ثابت ويثبت القتال بعده ولم يثبت ذلك أيضا ثم إن الآية تقتضي الجمع بينهما وعلي هو الذي جمع بينهما وليس يجتمع للواحد منهما الوصفان لأن الأول لو صح له إنفاق لما صح له جهاد ولو صح للثاني جهاد لما صح له إنفاق ثم إنه لو صح للأول الإنفاق لما صح على الإخلاص مثل ما قال في علي (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) وقوله (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً).
قوله سبحانه :
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) يجب حملها على العموم لأن الحمل على الخصوص بلا دليل لا يجوز على أن المعني بها ينبغي أن يكون من أولي الفضل والثاني من أولي السعة وهما منتفيان عن الأول ثم إنه روي أنها نزلت لسبب الماء ولو صح ذلك لكان أقرب إلى المنقصة لأن النهي لا يكون إلا عن معصية وقد ثبت أنه