قيل ولم يقل سنة لأنها في المعنى مقدمة وإن كانت في اللفظ مؤخرة معناه ولبثوا في كهفهم سنين ثلاثمائة فجمعه على وجه التقديم والعدد إذا كان مقدما يجوز جمعه كما يقال أعطيت دراهم ثلاثمائة أو ستمائة وهي منصوبة لوقوع الفعل نظيره (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً).
قوله سبحانه :
(فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) الكناية راجعة إلى معنى السورة وهو القرآن قوله (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) ولم يقل مثلها وهذا كقوله (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ) والآية هاهنا الكتاب اسم عام يدخل على القرآن والقرآن يدخل على السورة والسورة تدخل على الكلمة والكلمة تدخل على الحرف
فصل
قوله تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) إنما قال من الغابرين لأن بقاءها كان مع الذكور وإذا اجتمع الذكور مع الإناث فالغلبة للذكور نظيره (إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ) وقوله (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) وقوله (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) وقوله (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) وقيل إنه من وصف القوم الذين كانت المرأة منسوبة إليهم وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين وكذلك قوله (قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) أي من القوم الغابرين.
قوله سبحانه :
(قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) لم يقل ادخلن لأنه لما ذكر الله أفعالا مثل أفعال العاقلين وهو النداء والقول ونحوهما جعل صفتها كصفة العاقلين كقوله (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) وقوله (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) وقوله (كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) وقوله (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وقوله (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) وقوله (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
قوله سبحانه :
(فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) حمله على المعنى وقال في موضع آخر (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) حمله على المعنى.