أي فمتعوهن متاعا فيه ضمير ناصب ومثله (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً) وكل مرفوع لا يظهر رافعه فهناك ضمير نحو (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) يعني هذه السورة لأن النكرة لا يبدأ بها ومثله (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) ومثله (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ).
قوله سبحانه :
(فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) وقوله (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) إنما يريد بالكل التوكيد والتكثير كقولك أكلنا اليوم كل شيء وكنا في كل سرور وكقولك هذا قول أهل العراق وأهل الحجاز.
قوله سبحانه :
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) المعنى أن الخلق جميعا يتقلبون في رحمته ورزقه وسأكتب ثوابها للمتقين خاصة والمعنى الآخر وسعت كل شيء دخل فيها وأرادها.
قوله سبحانه :
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) إلى قوله (الْمُتَّقُونَ) أراد تعالى ليس الصلاة هي البر كله بل تبقى عليكم صنوف الواجبات وضروب الطاعات ويقال إن النصارى لما توجهوا إلى المشرق واليهود إلى بيت المقدس واعتقدوا في الصلاة إليهما أنها بر وطاعة خلافا على الرسول ص أكذبهم الله تعالى في ذلك وبين أن ذلك ليس من البر إذ كان منسوخا بشريعة النبي ص وأن البر ما تضمنه الآية.
قوله سبحانه :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) ذمهم بالغفلة وهي من فعله تعالى لأنها السهو أو ما جرى مجراه مما تنافي العلوم الضرورية ولا تكليف على الساهي قلنا المراد هاهنا بالغفلة التشبيه لا الحقيقة وذلك أنهم لما أعرضوا عن تأمل آيات الله تعالى والانتفاع بها أشبهت حالهم حال من كان ساهيا غافلا عنها فأطلق ذلك عليهم كما قال (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) ويقال أنت ميت وراقد وما لك لا تسمع ولا تبصر.