وتجيء الشفاعة بمعنى المعاونة وقال الشاعر:
أتاك امرؤ مستعلن لك بغضه |
|
له من عدو مثل ذلك شافع. |
وقد تعلقت المعتزلة بقوله (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) وبقوله (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ) وبقوله (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) وبقوله (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) وبقوله (وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ) ولا دلالة في شيء من هذه الآيات على اختصاص الشفاعة بزيادة المنافع أما الآية الأولى فلأن المرتضى فيها محذوف فليسوا بأن يقدروا لمن ارتضى جميع أفعاله بأولى منا إذا قدرنا لمن ارتضى أن يشفع له وأما الثانية فمختصة بنفي شفيع يطاع وهذا متفق عليه وإنما يكون لهم دلالة لو نفى شفيعا يجاب لأنه قبول الشفاعة وقبولها ليس بطاعة وإنما هو إجابة وأما الثالثة فصريحة في الكفار لأنهم قالوا (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وأما الرابعة ففاسد لأن النصرة غير الشهادة وإنما هي المدافعة والمغالبة ويقرن بالشفاعة خشوع وخضوع وأما الخامسة والسادسة فغير نافعة لهم لأن الشفاعة في المؤمنين لا تكون على سبيل التقدم بين يدي الله تعالى وأما السابعة فمتروكة الظاهر بالإجماع لأننا قد اتفقنا أن للنبي ص شفاعة مقبولة نافعة وقد تلقت الأمة بالقبول قَوْلُهُ ع ادَّخَرْتُ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي. وَرَوَى أَصْحَابُنَا عَنِ النَّبِيِّ ص أَنِّي أَشْفَعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأُشَفَّعُ وَيَشْفَعُ عَلِيٌّ فَيُشَفَّعُ وَيَشْفَعُ أَهْلُ بَيْتِي فَيُشَفَّعُونَ وَإِنَّ أَدْنَى الْمُؤْمِنِينَ شَفَاعَةً لَيَشْفَعُ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلاً مِنْ إِخْوَانِهِ كُلٌ قَدِ اسْتَوْجَبَ النَّارَ.
قوله سبحانه :
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) قيل إن الغرض بذلك الإنكار على عبدة الأوثان وقولهم إنها تشفع لهم لأن الملك إذا لم تغن شفاعته شيئا فشفاعة من دونه أبعد من ذلك ولا ينافي ذلك ما قلناه من شفاعة النبي والأئمة والمؤمنين لأن هؤلاء يشفعون بإذن الله ورضاه ومع ذلك يجوز أن لا يشفعوا فيه فالزجر واقع موقعه.
قوله سبحانه :
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) لا تدل على أنه لا شفاعة لمرتكبي الكبائر لأن أحدا لا يقول إن لهم معينا على عدوهم بل إنما يقول له من يسأل في بابهم على وجه