يدل على أن العزم على الفسق فسق لأنه إذا لزم الوعيد على محبة شياع الفاحشة من غيره فإذا أحبها من نفسه وأرادها كان أعظم وفي الآية وعيد لمن يحب أن تشيع الفاحشة في المؤمنين.
قوله سبحانه :
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) الآية معناه من قتل مؤمنا متعمدا على دينه والآية نزلت في مقيس الكناني قتل رجلا مسلما من بني فهر وارتد فأهدر النبي ص دمه فقتلوه يوم الفتح وقال عمرو بن عبيد يؤتى في يوم القيامة فأقام بين يدي الله فيقول قلت إن القاتل يخلد في النار فأقول أنت قلت (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) الآية فقال قريش بن أنس أرأيت إن قال لك فإني قلت (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) من أين علمت أنني لا أشاء أن أغفر لهذا فتحير وكان الحسن يقول لا توبة لقاتل المؤمن عمدا فقال عمرو هو لا يخلو من أن يكون مؤمنا أو كافرا أو منافقا أو فاسقا فقال الله تعالى في المؤمن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) وقال في الكافر (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) وقال في المنافق (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) إلى قوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) وقال في الفاسق (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) فاستحسن مقاله ورجع عن قوله.
قوله سبحانه :
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) إلى آخرها فيها دلالة على أنه تقبل توبة القاتل عمدا لأنه يقبل التوبة من الأعظم ولا يقبل من الأقل.
قوله سبحانه :
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ثم قال (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ثم قال (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) أما قوله (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) فقد علمنا أنه إنما نفاه مع عدم التوبة لأن مع حصولها يغفر الشرك أيضا وأما قوله (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) أثبت أنه يغفر ما دون الشرك فينبغي أن يكون ذلك مع عدم التوبة ليتخالف ما نفاه مما أثبته ويحسن في ترتيب الكلام وأما قوله (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) قطع