وأنّهم لمعرفتهم به ، وببركته كانوا يستفتحون باسمه في قتالهم مع المشركين قبل بعثته. وقال :
(وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ـ أي القرآن ـ (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) ـ في التوراة من خبر بعثته ـ (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) ـ أي : الّذي عرفوه ـ (كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ). (البقرة / ٨٩)
أمّا المحكم والمتشابه في التوراة ، فكان كلّ ما أوردناه من المحكمات في التوراة.
وأخبر عن وجود الأمر المشتبه عندهم في حكاية أمرهم بذبح البقرة ، وقال :
(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ). (البقرة / ٧٠)
* * *
ولو استعرضنا ما جاء في القرآن الكريم من أخبار بني إسرائيل وأنبيائهم ، لوجدنا أمثلة كثيرة ممّا زعم الطبري وغيره من علماء مدرسة الخلفاء من أنّ الله خصّ هذه الامّة بسبع أو بخمس : الحلال والحرام والأمر والنهي والمحكم والمتشابه والموعظة ـ مثلا ـ لأنّ الله سبحانه أخبر أنّه أرشد امّة موسى بن عمران ، أي بني إسرائيل ، بها ، وبطل ما افترضوه في معاني تلك الروايات.
ولا يصحّ قولهم إنّ هذه الامّة اختصّت بشريعة فيها الحلال والحرام والأمر والنهي والموعظة و... لأنّ الله لم يخصّ هذه الامّة وحدها بالدين والشريعة ، ولم ينزل لغيرهم شريعة ولا دينا يدينون به ، فقد أخبر الله سبحانه عن نوح وشريعته وأمّته ، وقال :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ...). (العنكبوت / ١٤)