رابعا ـ وجدنا منشأ هذا النوع من اختلاف القراءة ، أخذهم قواعد العربية من أقوال لغات القبائل العربية وتعبّدهم بتلك القواعد وقياسهم آي القرآن على تلك القواعد ، فما خالفها من تعابير القرآن وصفوه بفساد الاعراب كما مرّ بنا آنفا ، وعدم دركهم بأنّ القرآن كلام موزون لا تجري عليه تلك القواعد ، وأنّ عليهم أن يتعلّموا استثناء تلك القواعد من القرآن الكريم.
ولست أدري ما المسوّغ لاتّخاذ محاورات العرب ميزانا لمعرفة صحّة تعابير كلام الله وليس العكس.
أما آن للعلماء أن يحرّروا عقولهم من ربقة التقليد الأعمى للسلف؟!
هب أن مخاطبهم في البحث لا يؤمن بالوحي ورسالة خاتم الأنبياء (ص) فهل يشكّ أحد في بلاغة القرآن الّذي تحدّى ببلاغته الناس أجمعين ، ولا يزال تحدّيه باقيا إلى اليوم وإلى يوم الدين. أضف إليه أن القرآن نزل بلغة قريش وهم أفصح العرب لغة.
خامسا ـ إنّ تلك القراءات جميعها رويت عن آحاد وأحيانا ينتهي سندها إلى واحد ، خلافا للنصّ القرآني المتداول بين جميع البشر والّذي رواه الملايين من الناس عن الملايين ، جيلا بعد جيل إلى أن ينتهي سندها إلى مئات الالوف عن عشرات الألوف من المسلمين الّذين تلقّوها عن فم رسول الله (ص) سماعا وعيانا.
سادسا ـ أخطئوا في فهم ما روي عن الخليفة عثمان أنّه قال : (فيه لحن ستقيمه العرب بألسنتها) وظنوا أنّه قال في النصّ القرآني من المصاحف الّتي نسخت بأمره لحن ستقيمه العرب ، أي : ان العرب ستغيّر كلمات القرآن بألسنتها وكان ذلك من أسباب تولد القراءات المختلفة ، بينا قصد الخليفة انّ في رسم نسخ المصاحف المكتوبة لحنا في مثل كتابة (يعيسى) و (يأهل الكتاب) و (أيمنهم) و (يوم